مقالات

حسين خوجلي يكتب: دمعة على ذلك القبر القصي الحبيب عاجل إلى هولاكو القرن عبد الرحيم دقلو

أمير الأوغاد وقائد الجراد، صاحب الفعل الزميم والعقل العقيم، والقلب اللئيم، والروح الدميم، فاتك مخيم زمزم منبع الحزن الأليم، عبد الرحيم هاتك اعراض الحريم، وغاصب أموال اليتيم، وفاتق الجرح المقيم، وجاحد العهد القديم. مبروك فقد استطاعت عصابتك من قوات البغي ومرتزقة الصحراء والآفاق أن ينتصروا نصرا مبينا على الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والجائعين من بني جلدتك.
مبروك فقد قتلوا واغتصبوا الطفلات القاصرات وهتكوا الأعراض من وراء الخيام واقتلعوا اللقمة من أفواه اليتم الجياع، وشربوا لبن الرضع وبددوا سلامة الركع، فعلوا شائن القول والفعل الذي لم نسمع به حتى في أخبار الهمج الغابرين.
مبروك فقد أضفت إلى مخازي البشرية في عصور الانحطاط صفحة جديدة من صفحات الدم والقتل المجاني والخراب لأرض ظلت أبدا تُقابة للقرآن ومهوى، للصالحين، وكساءً للكعبة أول بيت وضع للناس سلاما وأمنا ووحدة وتوحيدا
مبروك فقد أعدت بفعلتك الآثمة الوعي للشعب السوداني في دارفور وكردفان والوسط الماهل والشرق الحبيب والشمال الباسل، غداً سوف ترى الحق شاكي السلاح والكفاح، مشرع الرماح وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

** لكل معركة وواقعة وحدث أيقونة ورمز ومثال ومن بين كل تاريخنا الحافل بالعفيفات المجاهدات مهيرة ورابحة الكنانية وبقية العطر الفريد يضيف الزمان ماسةً جديدة خرجت لروح الشعب السوداني المفعم بالصبر والمجاهدة والكفاح الدكتورة هنادي حامد أميرة الشرف بدارفور الحبيبة التي صعدت روحها شهيدةً إلى المراقي الرفيعة ترفل في جنان الخلد في قلبِ قافلة المصطفى صلى الله عليه وسلم العابرة إلى الجنة في قدسية وسلام. كلنا موعود بالموت ولكن هنادي كانت موعودة بالحياة في سبيل الله بالشهادة والموت الرائع.
رحلت هنادي رفيقة الجرحى وشقيقة عشاق الجنة وسند المحاربين والمجاهدين والصابرين على حد الجرح والأنين من أجل الأرض والعرض ، رحلت هنادي وهي تصوم الستة من شعبان رحلت الصائمة القائمة وفي يدها سماعتها ومشرط الجراحة وخنجر الصمود. رحلت فقيرة من الرصيد المادي خالية الوفاض من عُلالة الدنيا ثرية الجوانح والحنايا، واليقين والأمل السمح في خالقها وشعبها ووطنها واثقة من النصر القادم ألا آن نصر الله قريب.
وداعا يا هنادي في الخالدين فأنت أثيرة غالية علينا، ولكنك لست غالية على الخالق العظيم ولكأن احمد بن الحسين قد عناكِ ورثاك برائعته في المراثي بقصيدته التي اختصرها في بيت القصيد:
وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا
لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ
وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ
وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ
ويندلق دمع دارفور الصابرة بل كل بلادنا دمعا مدرارا مسكوبا على ذلك القبر القصي الحبيب ويتوالى بكاء رائعة المتنبي على فقدنا وفقده وفقد العقيدة والقيم والانسانية:

رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى
فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ
فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ
تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ
وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا
لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي
وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرّاً
لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ
كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ
وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ
صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ
عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ

وعندما جاء خبر رحيل الدكتورة هنادي وجاء خبر صمود الفاشر الخرافي بعد أكثر من مئتي صدمة عسكرية نعم ٢٠٠ معركة لم يستطيع المرتزقة الأوباش المأجورين أن يكسروا شرف وكبرياء اهلها ولم يستطيعوا تدنيس تلك الأرض الطيبة، وقد وقف الفنجري كعادته حزينا مفصحا على الملأ والمدى بأبيات فوق الأسف وتحت المأساة:

في الفاشر الكبير انسان موشح بالسنا
راشدنو حاملين السلاح واللسع ما كمّل سنة
اولادو هدو المستحيل طرحوا الحلول الممكنة
وبناتو في الأنجم بدور (والبدور) الموت يجي عندنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى