مقالات

حديث المدينة – عثمان ميرغني – المحك

الأيام، إن لم تكن الساعات القليلة المقبلة، ستحسم مبادرة الرباعية.. إما أن تقبل بها الحكومة وتعبر المرحلة الأولى التي تنص على هدنة إنسانية لثلاثة أشهر، أو يُقفل ملف الرباعية ويُسدل الستار على آخر فرصة للتسوية السلمية للحرب.
ودون انتظار قرار الحكومة، فإن المنهج الذي تتعامل به مع الأوضاع عمومًا، وعزوفها عن الانخراط الإيجابي مع المبادرات، لا يبعث على الثقة في منهج إدارة الدولة.. احتكار القرار في دائرة ضيقة، وعدم القدرة على تلمُّس وجهات نظر أوسع، واستيعاب مزيد من العقول والتفكير، وفقر المؤسسات ومأسسة القرار.. كل ذلك يجعل السودان «شبه دولة» لا تتمتع بشخصية اعتبارية تؤهلها للتعامل السوي الندي مع دول العالم.
هذا الأمر لا علاقة له بالحرب والظروف التي يعيشها السودان.. فهو أمر موروث منذ النظام السابق.. ولم يتغير الوضع بعد الثورة، بل زاد سوءًا.. وإذا لم ننجح في معالجته، فإن التطلع لمستقبل آمن مزدهر سيكون سرابًا يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.
نحتاج لبناء هرم تنظيمي للدولة على أسس جديدة.. تتخطى مسلمات الماضي، ولكن تعتبر بأخطاء وتجارب العهود السياسية السابقة منذ أول حكومة وطنية قبل الاستقلال في 1954.
أول مطلوبات الإصلاح هو الفصل بين النظام السياسي للدولة والنظام الإداري.. ولا أقصد بالسياسي الأحزاب فقط، بل النسق الذي تقوم عليه في بنائها التنظيمي من أعلى إلى أسفل: الحكومة الاتحادية، ثم الحكومة الولائية، ثم المحلية، وأخيرًا لجنة الحي.
هذا الترتيب الهرمي سياسي في فهمه العام.. والمطلوب نسق آخر إداري، ولا يمكن وصفه بالموازي، بل مستقل في قوامه العام مع توصيف دقيق لتقاطعاته مع الهرم السياسي التنظيمي.
لديّ مقترح متكامل لهذا النظام الجديد للحكم والإدارة سأعرضه لاحقًا لمزيد من النقاش المستنير حوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى