حامد الناظر يكتب حبل الغسيل سامو زين، في الخرطوم. أحسن الله العزاء
سامو زين، مطرب من سوريا، البلد المنكوب بزلزال مدمر راح ضحيته الآلاف، يُحي حفلًا غنائيًا جماهيريًا -بمناسبة عيد الحب- في الخرطوم المنكوبة هي الأخرى بالانفلات الأمني والتهريج وضيق العيش وانسداد الآفاق. لا أعرف أي وصف يمكن أن يليق بهذا الخبر الحزين، وبهذه المناسبة أكثر من أنها ملهاة مثيرة للأسف أكثر من أي شيء آخر.
من المخجل أن يتضامن العالم كله مع كارثة وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ على المنطقة خلال قرن وتجاوز فيها الضحايا عشرات الآلاف وما يزال العداد مفتوحًا، ثم يخرج مطرب من تلك البلاد المنكوبة ويصر على أن يدير ظهره لأوجاع أهله ومواطنيه لكي يغني في عيد الحب في عاصمة أخرى تنهشها أوجاع الحياة ولا تعرف لها دواء، ويطحن الاقتتال القبلي وأخبار القتل والانتحار جماعات من سكانها لأسباب تافهة. أي عيد؟ وأي حب؟
لا أظنني على الجانب الخاطيء حين أكتب هذا، فمطربون كثر، ومنهم هاني شاكر ووائل كفوري وعمرو دياب وناصيف زيتون ورحمة رياض على سبيل المثال، ألغوا حفلات مقررة بمناسبة عيد الحب تضامنًا مع ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا، فقد ألغت جزيرة المها في قطر فعالياتها ومنها حفل للمطرب عمرو دياب، وكذلك فعل هاني شاكر بحفله في بيروت، ووائل كفوري بحفله في قبرص التركية.
أكثر من ذلك، كتب الفنان مروان خوري -عبر حسابه على إنستغرام- “نظرا للكارثة والمأساة التي حلت بإخوتنا في سوريا ولأن الوجع أكبر من أي محاولة للترفيه عنه، سيتم تأجيل حفلاتي في الشام وطرطوس إلى أجل غير مسمى”. وكتب المغني السوري حسين الديك -عبر حسابه الرسمي على إنستغرام- “بسبب الأوضاع التي يمر بها بلدي الحبيب سوريا، فقد تقرر إلغاء الحفل المقرر إقامته في الأردن وإلغاء الحفل الخاص في دبي ورحم الله شهداء سوريا وضحايا الزلازل في كل مكان”.
ليت سامو فعل كما فعلوا، فهو فنان أيضًا، وقبل ذلك سوري وإنسان، فالأمثلة إن شاء كثيرة من زملائه الفنانين والمطربين ومنظمي الفعاليات الذين يحترمون فنهم وإنسانيتهم، ويخجلون من أن تصدح حناجرهم بالغناء في الوقت الذين يتعالى فيه الصراخ من حولهم بسبب الموت والفقد. هذا اتساق مع الفطرة الإنسانية التي ترفض الانفصام.
ليت الفنان السوري سامو زين، زار بلادنا في وقت أفضل من هذا، لاستحق الوفادة ودفء الحفاوة كما يليق بالفن وأهله، وليت جماعات المرفهين في الخرطوم أصلحت الخلل الأبدي في ساعاتها البيولوجية، فهي لا تعرف متى تنشط ومتى تسكن، ولا يهمها على أي وسادة تضع رأسها، وتلك مأساة.