
*هل غلب نفوذ القبيلة التي تتربع على عرش السلطة في تشاد برئاسة محمد إدريس ديبي إتنو على سلطة الدولة وأجبره على الرضوخ للضغوط التي مارسها جنرالات في الجيش التشادي ذوو صلة قرابة مع حركتي العدل والمساواة السودانية بقيادة جبريل إبراهيم وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، اللتين تقاتلان مع الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع التي تخوض حربًا ضروسًا منذ منتصف أبريل من العام 2023م؟*
*تشهد السودان هذه الأيام معارك ضارية، خاصة في غرب السودان وبالتحديد في مدينة الفاشر، معقل الحركات المذكورة أعلاه، لما لها من امتداد قبلي وجغرافي مع الجارة تشاد. حيث اتهمت الحكومة السودانية تشاد بدعم وتزويد قوات الدعم السريع بالسلاح والوقود وفتح حدودها للإمداد البشري عبر مناطق عديدة تعتبر مداخل معلومة للحكومة التشادية والدعم السريع.*
*أيضًا، تناقلت وسائل إعلام إقليمية ودولية في السابق عن وجود جماعات عسكرية تشادية دخلت في هذه الحرب ودعمت طرفي الصراع. على سبيل المثال، هناك حركة FACT وCCMSAR اللتان تقاتلان مع قوات الدعم السريع، بجانب أخرى تقاتل مع الحركات المسلحة، وأبرزهم القيادي والجنرال في الجيش التشادي عثمان ديلو، شقيق المرحوم يحيى ديلو، الذي ظهر عدة مرات في فيديوهات وهو يقاتل داخل مدينة الفاشر إلى جانب القوات السودانية. وحركات أخرى تدين التدخل في شؤون الآخرين وتقف محايدة، أبرزها الحركة الشعبية من أجل تشاد MPTبقيادة عبدالباقي حماد وآخرون.*
*ولكن سرعان ما تحول الموقف التشادي في الآونة الأخيرة إلى دعم الحركات المسلحة السودانية شبه القبلية التي لها أذرع قوية داخل الجيش التشادي. هنا نسرد بعض المعلومات التي تحصلنا عليها من الطرفين: إن الإمداد من ذخيرة ووقود وسيارات وورش صيانة الحركات المسلحة يأتي من الحكومة التشادية عبر مناطق طينة وبرك ودخولها إلى السودان. وإن منطقة كلبس السودانية لا تكاد تتوقف حركة السيارات منها وإلى منطقة برك التشادية، وحتى جرحى العمليات العسكرية الأخيرة في شمال الجنينة وصلوا إلى منطقة برك التشادية للعلاج، ويجري هذا العمل بإشراف من ضباط في الجيش التشادي.*
*أما الذخائر، فتخرج من العاصمة إنجمينا من مخازن الجيش التشادي وتمر عبر عدة مناطق وصولًا إلى الحركات في دارفور. وإن تجارة الوقود التي تنشط في الحدود يقوم بنقلها لطرفي الصراع في دارفور أفراد من الجيش التشادي وينتمون بشكل كامل لأبناء قبيلة الزغاوة، بنقلها إلى قوات الدعم السريع والحركات المسلحة. وباشرت ضباط في الجيش التشادي في تجنيد قوات من مجموعة من القبائل، أبرزهم من المساليت والمسيرية جبل والزغاوة في شرق تشاد، لتدريبهم والدفع بهم إلى السودان من أجل القتال مع الحركات.*
*هل يا ترى ستقوم قوات الدعم السريع بتسليح الحركات المسلحة التشادية التي تقاتل معها الآن، والذين هم في طور الحياد، من أجل الدفع بهم إلى تشاد لقتال كاكا؟ خاصة أن تشاد باتت ملجأ لملايين اللاجئين السودانيين وأن الأمن في تشاد أيضًا غير مستقر.*
*هنالك مخاوف من أن تتحول حرب السودان إلى حرب شاملة لا تعترف بأي حدود، وتبقي حرب الكل على الكل، مما يعرض المنطقة بأكملها إلى بركان يقضي على ما تبقى من حياة. والبعض يتساءل عن دور المجتمع الدولي في انقاذ المنطقة: هل للمجتمع الدولي رأي حاسم في قطع امتداد هذه الحرب وإخماد لهيبها على ما هو عليه الآن؟*
*وعلى صعيد العلاقات السودانية التشادية، ستكون هناك زيارات متبادلة على مستوى الأجهزة الأمنية بين الدولتين، وهناك تحركات كبيرة تجري أيضًا بين حكومة الجنرال البرهان وأفريقيا الوسطى. وإن المخاوف من سقوط منطقة الفاشر على يد الدعم السريع ووجود الدعم السريع بكثافة كبيرة في مناطق شمال الفاشر، وخاصة مناطق قبيلة الزغاوة، هي ما دفعت مجموعة من أبنائهم في الجيش التشادي للوقوف مع أهلهم في السودان، كما حدث في السابق عندما هاجمت المعارضة التشادية العاصمة انجمينا في العام 2008م
مع الباحث في الشؤون الأفريقية الدكتور/ محمود القاسم.*
باريس، فرنسا 🇫🇷.*
*البريد الإلكتروني: Gasim.africa@gmail.com*