
دولة رئيس الوزراء،
وصلتَ إلى السلطة في لحظةٍ من أكثر اللحظات قسوةً في تاريخ السودان الحديث. لحظةٍ تغلّفها النيران، وتتكسّر فيها الأبواب، وتضيع فيها البوصلة الوطنية في ركام حرب شاملة وانهيار مؤسسات الدولة. لم تعد البلاد تحتاج إلى شعارات، بل إلى بوصلة وضمير ورؤية تستند إلى تخطيط عميق، وإرادة لا تنحني.
سيادة الرئيس،
لقد جئت من خلفية دولية مشرّفة، وكنت لسنوات تراقب من بعيد ما آل إليه حال وطنك الجريح. واليوم، ها أنت على مقعد القيادة، في زمن يتطلب الصدق مع الذات، والوضوح مع الشعب، والصرامة في مواجهة العبث السياسي، الذي طالما دفع ثمنه المواطن المسكين في القرى والبوادي والمدن المنكوبة.
إن ما يعانيه السودان اليوم ليس فقط أزمة أمن، بل أزمة إدارة، وانعدام في الرؤية الوطنية الجامعة. الوزارات تائهة، والقيادات تتبدل بلا أثر، والتخبط سيد الموقف. وما لم يوضع حد لهذا الإرث السام من المحاصصة والشلليات، فإن كل تغيير سيظل شكليًا، وكل أمل سيذوي قبل أن يُزهر.
نخاطبك اليوم، لأننا نرى فيك فرصة، وربما آخر الفرص، لرسم خارطة جديدة لهذا البلد. ولكن البداية لا تكون بتعيين وزراء جدد، بل بوضع خطة شاملة للحوكمة والإدارة، تُلزم كل وزير، وكل مسؤول، بمؤشرات أداء، ورؤية واضحة، وأهداف محددة.
نرجو أن تكون هذه المرحلة مرحلة التأسيس الحقيقي، لا الترقيع السياسي. فالسودان لا ينقصه الكفاءات، بل ينقصه نظامٌ عادل يحمي هذه الكفاءات من الاستنزاف والتهميش والتهم الجاهزة.
السيد رئيس الوزراء،
نحن نعلم أن الطريق ليس معبّدًا، ولكننا نؤمن أن الشعوب التي تنجب رجالاً أمثالك، تستطيع أن تنهض، إذا وُجدت الإرادة، والخطة، والعدل.
لك المجد إن أنصفت، وإن أسست لعدالة تحفظ كرامة الإنسان السوداني، وتعيد للوطن معناه.
والله من وراء القصد.