
في مشهد دبلوماسي حافل يعيد إلى الأذهان روح التضامن العالمي، شارك السودان بوفد رفيع المستوى في الاجتماع الوزاري التاسع عشر لمكتب التنسيق لحركة عدم الانحياز، الذي عُقد في العاصمة الأوغندية كمبالا خلال الفترة من 13 إلى 16 أكتوبر 2025، تحت شعار “تعميق التعاون من أجل الازدهار العالمي المشترك”، والذي يصادف الذكرى السبعين لتأسيس الحركة.
وشهد الاجتماع مشاركة أكثر من مائة دولة من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، ما يعكس الثقل الدولي المتنامي للحركة في عالم مضطرب تتزايد فيه الأزمات الاقتصادية والإنسانية. كما شاركت بعض الدول والمنظمات الدولية بصفة مراقب أو شريك في الحوار، في إطار الانفتاح الدبلوماسي الذي يميز هذه المرحلة من مسيرة الحركة.
وخلال الجلسة الافتتاحية، رحّب الرئيس الأوغندي يوري موسفيني بالوفود المشاركة، مشيدًا بتاريخ حركة عدم الانحياز ودورها التاريخي في تحقيق التوازن الدولي والدفاع عن سيادة الدول النامية. ودعا موسفيني الدول الأعضاء إلى العمل المشترك لمواجهة تحديات الجوع والفقر والنزوح واللجوء، معتبرًا أن التعاون جنوب–جنوب يمثل الطريق الأنجع لتحقيق الازدهار المشترك والعدالة الاقتصادية.
أما الوفد السوداني، فقد ترأسه وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي السفير حسين الأمين الفاضل، بمشاركة السفير كمال بشير مدير إدارة التعاون الدولي، والأستاذ بدر الدين بخيت مدير ملف حركة عدم الانحياز في بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك، والسفير أحمد إبراهيم جردا سفير السودان لدى أوغندا، إلى جانب أعضاء من البعثة السودانية.
وفي كلمته أمام الاجتماع، قدّم السفير حسين الأمين بيان السودان الرسمي، مؤكّدًا التزام بلاده بمبادئ حركة عدم الانحياز، ومثمّنًا دورها في دعم استقلالية القرار الوطني للدول النامية. كما استعرض التطورات الجارية في السودان والحرب المفروضة من مليشيا الدعم السريع، موضحًا آثارها الإنسانية والاقتصادية على السودان ودول الجوار.
وأشار إلى أن هذه الحرب لم تعد شأناً داخلياً فحسب، بل تهدد الأمن الإقليمي برمّته، داعيًا المجتمع الدولي إلى موقف أكثر وضوحًا في إدانة الدعم الخارجي الذي تتلقاه مليشيا دقلو الإرهابية، وعلى رأسه من دولة الإمارات، التي ما تزال تمدّ المليشيا بالمسيرات والمرتزقة في خرقٍ سافرٍ للقانون الدولي ولقيم عدم الانحياز.
وعلى هامش الاجتماع، عقد الوفد السوداني سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من الوفود المشاركة، بحث خلالها سبل تعزيز التعاون الدولي، وتبادل الدعم في المحافل متعددة الأطراف، إلى جانب مناقشة ملفات التنمية والسلام والاستقرار الإقليمي.
وتأتي مشاركة السودان في هذا المحفل الدولي في لحظة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث يسعى إلى إيصال صوته بوضوح إلى المجتمع الدولي، وتثبيت روايته الرسمية حول الحرب، وتفعيل علاقاته مع دول الجنوب التي تشكل عمقًا استراتيجيًا له في ساحة العلاقات الدولية.
ويُنتظر أن تفتح هذه المشاركة الباب أمام تحرّك دبلوماسي سوداني أكثر فاعلية داخل مؤسسات عدم الانحياز، بما يضمن حشد التأييد الدولي لقضايا السودان العادلة، وتعزيز حضوره في المشهد الإفريقي والدولي خلال المرحلة المقبلة.