مقالات

المهندس الشريف/ خالد مصطفى الصديق الفزازي يكتب: الشيخ الأمين عمر الأمين : التكية ، الآبار ، الطب المجاني … وعتمة الإعلام

مدخل :

حين تتشوه الحقائق ، وتُساق الأوهام محل الوقائع ، يصبح من الواجب أن نكتب لا دفاعًا عن شخص ، بل إنصافًا للحقيقة .

الشيخ الأمين عمر الأمين ، أحد شيوخ الطريقة القادرية المكاشفية في السودان ، ورمز روحي واجتماعي بارز ، يعيش بين محبيه في مسيده العامر بمدينة أم درمان ، وهو ليس مجرد “شيخ طريقة” ، بل رجل مجتمع ، ومبادر إنساني ، ومدرسة قائمة على العطاء .

ورغم كل ما قدمه – وما زال – من خدمات للناس في أحرج الظروف ، إلا أن الإعلام – أو لنقل بعضه – ظلمه ظلمًا فادحًا ، فحوّله إلى مادة للتندر والتأويل ، وتجاهل الأهم : المشاريع التي لامست قلوب البسطاء قبل أن تراها الأعين .

التكية : طعام بلا سؤال عن الاسم والانتماء

في وقت أرهقت فيه الأسعار الناس ، وانهارت فيه شبكات التكافل ، كانت تكية الشيخ الأمين في قلب أم درمان ، تقدم آلاف الوجبات يوميًا ، بلا تصنيف أو استثناء .

ففيها يجد الطالب والمريض والعابر والمحتاج طعامًا كريمًا ، بلا كاميرات ولا قوائم تسجيل .

هذه التكية ليست عملاً موسمياً ولا مجرد صدقة ، بل مشروع اجتماعي مستمر ، يعكس رؤية صوفية أصيلة ترى أن خدمة الخلق هي جوهر العبادة .

الآبار : الماء سبيل الحياة في أطراف البلاد

مشروع الشيخ الأمين لحفر الآبار ليس كلامًا على الورق ، بل آبار محفورة بالفعل في المناطق الطرفية والريفية ، سقت العطشى وروت الزرع ، وقدّمت خدمة تنموية حقيقية في ظل تراجع الدولة عن دورها في أبسط حقوق الإنسان : الماء .

هذا المشروع تم تمويله من جيوب المريدين والمحبين والمتعاطفين ، ولم يتوسل الرجل بها الجهات الأجنبية أو السياسية .
فقط نية صافية ، وعمل دؤوب ، ونتائج يراها الناس كل يوم .

الطب والدواء المجاني : عيادة الفقراء قبل أن يسموها مشروعًا

من قلب المسيد ، خرج مشروع العيادة والصيدلية المجانية ، التي استقبلت عشرات المرضى يوميًا ، خصوصًا في أوقات الأزمات الصحية والاقتصادية .

أطباء متطوعون ، أدوية مجانية حقيقية ، وخدمة طبية شاملة للبسطاء ، تمثل واحدة من أنبل صور التكافل المجتمعي بعيدًا عن ضوضاء المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية التي ما زال كثير منها مشغولًا بالبروتوكولات والتقارير أكثر من العمل الحقيقي .

مسيد أم درمان .. جامع للروح والمحبة

المسيد الذي يحتضن هذه الأعمال ، ليس محض بناء طيني أو ساحة ذكر ، بل فضاء إنساني واجتماعي وفكري يجمع أحباب الشيخ من مختلف الطبقات والانتماءات ، في جو من السماحة والقبول ، حيث يلتقي التصوف بالوعي الاجتماعي .

والمسيد – بخلاف الصورة النمطية – لا يُفرّخ الكسل كما يزعم البعض ، بل يدفع نحو العمل والخدمة والخشية التي تُترجم إلى أفعال ، لا إلى وعظٍ عابر .

ظلم إعلامي مركّب : حين يصبح النور هدفًا للظلال

الشيخ الأمين لم يطلب يومًا الإعلام ، ولم يتكلف الظهور ، بل شُهِر اسمه في بعض المنصات لا لعمله ، بل لتضخيم أمور فرعية أو التلميح إليه بتهكمٍ ، لا يسنده دليل .

غابت التحقيقات الجادة ، وغابت التغطيات المهنية ، وحضرت السخرية والروايات المغلوطة ، في تجاهل واضح لعشرات المبادرات التي لا يمكن إنكار أثرها في حياة الناس ، خصوصًا في ظل أزمة السودان الممتدة .

ختامًا : دعوة لإنصاف الرجل والمبدأ

لسنا بصدد تلميع أو تبجيل ، فالرجل لا يحتاج لذلك ، إنما نحن ندعو إلى العدل الذي أمر به الدين والعقل ، وأن يُسلَّط الضوء على النماذج التي تُقدِّم للناس ، لا التي تستهلكهم .

في بلدٍ ينزف جوعًا وفقراً ، نحتاج إلى أمثال الشيخ الأمين ممن يعملون في صمت ، ويخدمون الناس في محبة ، ويؤمنون أن الزهد ليس في الملبس ، بل في أن تعطي وأنت قادر على أن تأخذ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى