منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
منوعات

المناضلُ الذي عاد ! بقلم / هاشم محمود

وُلد جدي السابع بتلك الأرض، حيث وجد أباه ومن خلفه أسرة ممتدة وقبيلة قائمة حسب أعراف ذلك الزمان،
يمتلكون أرضًا زراعية شاسعة ورثها جدي كابرًا عن كابر .ومنها جاء
آبي ترتيبه الثالث بين أخوته فقد عمل برعي الأغنام منذو صغره.
سكان القرية يعرفون بعضهم البعض حسبًا ونسبًا، يتزاوجون مع القبائل المتجاورة ويعيشون في سلام .
كان جدي يردد علي مسامعنا بآن نحسن معاملة الآخرين وان الأرض الزراعية التي تزيد عن حاجتنا بكثير هي آرض الله .
أبعد مكان كنت أعرفه وأنا صغير قرية باشري التي بها أبناء عمومتنا حيث كنت أذهب برفقة جدي لحضور بعض المناسبات، وأسمع من كبار القوم بان هناك مدينة كرن التي لاتبعد من هنا سوي ساعات قليلة عبر البغال او الخيل وسيلة النقل المتقدمة في ذلك الوقت.
كم كنت أشتاق لزيارتها مع أبي أو جدي .
عشت حتي السابعة عشرة من عمر ي بتلك القرية؛ فقد شهدت عهد ازدهارها وتلاحم السكان في السراء والضراء .
وكنت أسمع عن بطولات في زمن غابر من شخصيات معروفة، تري الشجاعة فيهم وفي احفادهم، وكذلك القوة البدنية .
فكم دافعوا عن آهل المنطقة بكل بسالة وبأدوات بدائية .
رحلوا عن دنيانا وبقيت ذكراهم تتوارثها الأجيال .
كنت اسمع كغيري بكل انبهار مواقفهم وكأنهم أمامي.
ذات يوم قررت الالتحاق بالثورة فلاحديث يدور بين أقراني الا عن الثورة فاتجهت آلي البوادي أبحث عنها .
حتي وجدت كتيبة مقدمة لجيش التحرير الإرتري.
سالني القائد: الي أين أنت ذاهب؟ فقلت له الي جبهة التحرير أم النضال.
فرد علي وماذا عن الجبهة الشعبية.
فقلت له لم اسمع عنها.
ضحك بصوت مجلجل مناديا علي ثانيةً: اسمع ماذا يقول هذا الفلاح
فرددت له لا اعرف عنها شي . فتبسم مخفيًا علامات أظهرَتها تقاطيع وجهه العبوس .
قضيت بينهم يومين وبعدها سمحوا لي بالمغادرة إلى حيث أريد.
يومان آخران أمضيتهما بحثًا عن الجبهة حتي وجدتني بضواحي أغردات .
رحبوا بي وألحقوني بهيئة التدريب .
وذات يوم قصصت عليهم أمر التحاقي فتعجبوا مني بل رددوا أن صدي الجبهة عالي وسط الأهالي.
أمضيت أعواما طويلة خلال فترة تحرير المدن .
وتدخلت الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بتحريرها مدينة كرن واضعة عقبة أمام الجبهة للتقدم، هكذا ظل يردد القادة العسكريين.
وشهدت مناوشات عديدة حول العاصمة أسمرا فقد كانت قيادة الجبهة مثالية في التعامل مع المواقف بينما كان الطرف الآخر عنيفًا ومتعجرفا.
وبدات حرب بين الفصيلين حتي وقعت أسيرًا لدي الجبهة الشعبية لتحرير.
التنظيم الذي رفضته قبل أعوامًا مضت
بكيت علي خروج الجبهة من الميدان تاركة الساحة لفصيل وأحد بينما قيادتها العسكرية تقف حائرة أمام الزحف والسياسين يأكل بعضهم بعضًا لأسباب مختلفة .
قضيت عامًا في سجن الثورة لرفضي النضال وبعدها تم إطلاق سراحي وتوجيهي الي الخطوط الامامية.
كأني بواد آخر ووطن غير وطني .
اللغة العربية شبه معدومة، ولغة الام مخدومة والمجتمع تحول إلي لغةٍ بعينها وتم إهمال بقية المجتمع .
اسلوب عسكري جاف وزي عسكري منقوص وليس لك راي سوي تنفيذ التوجيهات الصارمه .
واي مخالفة او إبداء راي مصيرك الي المجهول .
الي أن حررنا الوطن ومن بعدها غير مرغوب بمثلي فقد استلمت مبلغًا ماليًّا وتم تسريحي من الخدمة .
عدت إلي قريتي كي أرتب امورًا كثيرة من فلاحة أرض الأجداد الي تربية المواشي .
عامان أمضيتهما هنا أتذكر الآباء والأجداد؛ فكل شي تغير: .
الكبار رحلوا والصغار هجروا الديار، إما الي اللجوء او المنافي .
ثم تم تطبيق مبدأ الأرض ملك للدولة وتم توزيعها بين السكان من جديد، وتم استجلاب مستوطنين ليحلوا محل أهل الدار
حاولت الاحتجاج دون جدوي.
هذه أرضي قبل دخول آي إستعمار الي إرتريا ناهيك حكومة مؤقتة عمرها عامان .
هذا جزاء من ناضل معكم يردون بكل برود : المفروض الا يكون لك شيء؛ فقد خدمت وطنك .
أي وطن يتحدثون عنه ؟ إن الوطن الذي لايحفظ كرامتي لايستحق ان أنتمي اليه .
فقد ندم الكثيرون علئ ضياع ام النضال لعن الله من كإن سبب ضياعها !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى