
كل المدن في العالم وعلي مر التاريخ ، تتسم بصفات تميز بها مدينة دون أخري ، وقد طاف صاحب حقائب الرياح فذكر أن لكل مدينة نكهة …وكتاب وديباجه تحدد تاريخ انتهاء الصلاحية … ومدائن الدنيا كلها تنال حظها من الخلود بقدر إفلاحها في إلاقناع بأنها تنعم ب:-…… شاهد لها علي مدى و وعي وتحضر انسانها واحترامه للقونيين ….. و شاهد لها من الجغرافيا بأن لها موقعاََ لا يسهل الاستغناء عنه … وشاهد لها من ذاتها بأنها تقبل التعديل والتحوير كلما اقتضت ظروف العمر ما يستدعي التعديل والتحوير … وشاهد لها من تذوقها بأن مسارب ترابها ومائها وهوائها تتلقي رسائل الفنون والآداب بتلقائية وإعتبار ……
و الخرطوم مثلها مثل كل المدن ظلت تحمل بصمات تخصها وحدها …أولها انسانها المضياف الذكي اللماح … وبذا اشرابت لها الأعناق علي فترات التاريخ المختلفه لمواقفها المتميزة … في الملامح والتاريخ والدين والاقتصاد والسياسه واحترام القوانيين… و بعد ان تحررت خرطومنا التي نحب يجب أن ننهض بها و ان تعمل فيها المحركات والمعاول والأيدي النشطة لتقدم صورة تمضي بها يوماََ تلو آخر نحو مصاف رصيفاتها في العالم
…….وقد حملت أوراق مؤتمر القمة الأفريقي بالخرطوم عام 1978 …إن هواري بومدين رئيس الجزائر الثائرة …كان لا يطيق أن تنطلق به سيارة من الفندق الكبير الي قاعة الصداقه بل كان يستعيض عن ذلك بالمشي علي قدمين ارهقتهما مدارج الثورة (والتعبير لخالد فتح الرحمن)…فجاءتا تخفان بصاحبهما من فرح وهما تتهاديان به وبوفده علي شارع النيل وصوته يتعالى ((هذا أجمل شارع في العالم))…..
وناصر الدين النشاشيبي يعود الي بيروت من الخرطوم عام 1954 فيكتب في صحافتها (( الخرطوم ….انظف عاصمة رأيتها …))
وهذا إن دل إنما يدل على عظمتها آنذاك و تحضر انسانها …………
والخرطوم وبعد أن تحررت من دنس الاوباش يجب ان تنهض يا اعزك الله – لا نقول بحثاََ عن ذاك الماضي ولكن تطلعاََ لغد أجمل ومجتمع معافى في بدنه وعقله وسلوكه وتربيته الوطنية وأن نترك الفرقة والشتات والتي لا تؤدي إلا لتمزيق البلاد ………….
ونهضة المدن تقوم اولاََ بما يقدمه أبناؤها من وجه حسن وسيرة طيبة …و ذلك ب:-… معرفة تفاصيل تاريخها واطلاع الزوار عليه … الالتزام باحترام كل ما يجري تطبيقه فيها من قوانين فلا يكتمل احترام المدن إلا بالحرص علي اتباع القوانين حرصاََ علي حقك وحق الآخر معك في العيش آمناََ معافي وهي من علامات التحضر ……
ولعل ما ساقني وجعلني أطلق العنان لقلمي … هو أن كل عواصم بلدان العالم اليوم تسير وتمضي في تطور مزهل ومتسارع وتسخر كل الامكانيات لذلك لان عاصمة أي بلد هي انعكاس لتطور وتحضر انسانها ، وما كنا نراه قبل الحرب في الخرطوم من تردي في كل شي في مظهر الشوارع و الاوساخ التي لا تخطئها العين التي لا تبصر ناهيك عن من يبصر ويري بأم عينه … والسلوك الغير حضاري من قبل مواطنيها وعدم احترامهم للقوانين والجشع والحقد والحسد فيما بيننا فلا بد أن يتغير كل ذلك ويكون الجامع لنا كشعب هو حب الوطن والعمل من أجل بناءه ونهضته ……
فلك ان تعلم يا اعزك الله ان الخرطوم وهي تعني السودان هي العاصمة الوحيدة في بقاع الدنيا التي اصبح ماضيها افضل من حاضرها …. فلذلك يجب علي الجميع ان يستشعرو المسؤلية وان نبدأ بانفسنا بعد أن تتوقف هذه الحرب كي نغير من سلوكياتنا ونستعيد ماضي أجدادنا حتي ننهض ببلادنا…….
فالمهمة ليست صعبة ولا تحتاج إلي حملات ومكبرات صوت تعوي صباح مساء أو نفرات نملص فيها البدل والقمصان ونصب البحر خيرصان ، إنما نحتاج فقط لزرع قيم الوطنية وقيمة الوطن في دواخلنا ، فهذا واجب كل وطني غيور علي وطنه ومن ثم يكتمل البناء والتعمير …..
ول (صلاح أحمد إبراهيم )…….
سلام علي موطني في البلاد….
علي أهله الخيرة الطيبين ….
ملاذ الغريب ..سياج الضعيف..
الحماة الاباة ليوث العرين….
ذوي الأنفس الرائقات العذاب….
عليها من الحق نور مبين….
كلفت بهم وانا بينهم….
وزدت هدي بالنوي ويقين…
……إذاََ هلموا الي حملة ( يجب ان نعيد الخرطوم سيرتها الاولي ……
اللهم خذ بيدنا عوناََ وتوفيقاََ لإعادة الخرطوم سيرتها الأولى معافة من كل بأس ودمار و اقتتال وفقر وعدم احترام للقوانين….
اللهم همة….اللهم همة