منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

الفاتح داؤد يكتب،، ليس دفاعا عن والي القضارف المكلف ولكن

لست في مقام الدفاع عن المقاربة “السياسية ” التي اعتمدتها حكومة والي القضارف المكلف محمد عبدالرحمن محجوب، في التعاطي مع موجة الاحتجاجات الشعبية لأهالي قري وسط القضارف، فتلك مهمة من صميم عمل فريقه الاعلامي، ولكن اجد نفسي ضمن رأي عام منقسم حول الطريقة بين متحفظ ومؤيد وناقم علي تداعياتها المؤسفة، لكن رغم ذلك يكاد يجمع السواد الأعظم من امواطني الولاية علي مشروعية المطالب، مع التحفظ علي الاسلوب والاليات،لأن الاحتجاجات في إطارها القانوني ليست بدعة تستدعي الاستنكار،بل هي سلوك مدني متحضر للتعبير عن المطالب، إلا أن جنوحها الي العنف والتعدي علي الممتلكات ،قد يجردها من مشروعيتها، وبالتالي لايكمن التبرير لها أو الدفاع عنها .
لذالك فإن ماحدث يستدعي بالضرورة إعادة تقييم المواقف،واعلاء قيمة الحوار دون شروط مسبقة أو احكام معدة سلفا، وذلك لتعزيز إجراءات بناء الثقة ” التي تأكلت”بين حكومة الولاية ومواطني القري ،بفعل التعبئة السالبة التي قادت الي المواجهة، ومن ثم البحث عن افضل “الصيغ” لتجديد الالتزامات وتبديد الهواجس، وتحديد الجداول الزمنية للوفاء بالتزامات الحكومة، ولا اعتقد أن الوالي المكلف لديه مصلحة في حرمان هذه القري من خدمة المياه لأنها حق وليس منحة،وتعلم قيادات هذه القري أنه قد قاتل في جبهات عدة لإعادة إدماج قري وسط مجددا ضمن المرحلة الأولى بعد التعديلات التي طالت الدراسة الأولي.
كما تقتضي الامانة القول إن الرجل قد بذل ما في وسعه من أجل إيجاد معالجات جذرية لأزمة مياه الشرب في جميع محليات الولاية بلا استثناء، حيث استطاع في وقت وجيز من بناء شراكات استراتيجية مع المنظمات ،وتخصيص اعتمادات مالية كبيرة، ساهمت في إعادة تأهيل أكثر من (27) محطة مياه ريفية “دونكي”,إضافة إلي اعادة صيانة محطة مياه الشواك التي تجاوزت كلفتها المالية حاجز ال (100)مليون ج،ثم الدخول في شراكة مع منظمة الاشراق التي تعمل حاليا في إعادة تأهيل محطة مياه ابوالنجا،فضلا عن الشراكة مع منظمة” mOI” لإمداد مدينة دوكة بالمياه،ولم تتوقف جهود الرجل عند ذلك فقد نجح في استقطاب تمويل بنكي لاستجلاب (50)وحدة طاقة شمسية لتشغيل جميع محطات المياه الريفية بالولاية.
كما استطاع رغم الاوضاع الاقتصادية القاسية من تحقيق جملة اختراقات نوعية في ملفات خدمية وتنموية ،شملت استقطاب التمويل من وزارة المالية الاتحادية، لإنشاء (50)كيلو من الطرق الترابية التي يجري العمل فيها في عدد من المحلبات لسد الفجوات التنموية الملحة ،كما كشفت وزارة المالية عن اكتمال الترتيبات الفنية لسفتلة (20)كيلو من الاسفلت بالبلدية وحواضر المحليات ، فضلا عن تحريك العمل في شبكة كهرباء الريف عن طريق التنمية بالمشاركة مع المواطنيين عبر التمويل البنكي.حيث تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع من محلية القريشة بكلفة (31) مليار ج.
و يبدو واضحا أن كلمة السر في نجاح محمد عبدالرحمن في قيادة الولاية في هذه المرحلة الصعبة ، تكمن في التكوين المهني والخبرة الادارية،التي ساعدته في استدعاء كل خبرته التراكمية السابقة في شئون الحكم المحلي، زتوظيفها بصورة احترافية، ليس لاجل تحقيق فتوحات تنموية أو خدمية فحسب ،بل لاجل خلق استقرار سياسي كان ضروريا، لبناء اصطفاف مجتمعي عابر للانتماءت السياسية والجهوية،قائما علي المشاركة في المشاريع والبرامج الخدمية، منطلقا من مدرسة إدارية اتسمت بالواقعية السياسية،ومتحررة من فواصل التصنيالسياسي و التحيزات المناطقية ، كما استفاد من خبرة ادارية اتاحت له الإلمام بتفاصيل الجغرافيا السياسية للقضارف، بتعقيداتها المجتمعية وتضاريسها التاريخية وفجواتها التنموية التي اختصرت عليه الكثير من التفاصيل.
لذالك لايجد المراقب كثير عناء في تفسير حالة احتفاء المواطنين ب محمد عبدالرحمن اين ما ذهب ،ان الرجل نسيج متداخل من البساطة والتواضع والتهذيب ، لان سجله المهني لم يعرف عنه يوما ما التورط في معارك السياسة،او فجور خصوماتها، بل ظل قريبا من الناس لانه ثمرة مشروع مهني امتد لأكثر من أربعين عاما قضاها في سلك الضباط الاداريين،تنتقل فيها بين المحليات والوحدات والقري والفرقان والنجوع، شكلت شخصية إدارية فذة رسالتها البحث عن واقع افضل لأولئك الذين لفظتهم الظروف خارج دائرة الاهتمام ، ولاغرو في ذلك فقد شهود كثيرا وهو يلجأ الي كسر قواعد البرتوكول و تحطيم الحواجز بينه وبين المواطنين والاستماع مشاكلهم بأريحية تهذيب،معتمدا علي منهج سياسي قائم علي المتوازنة و المرنة والانفتاح دون تحيز أو تمييز ، استطاع من خلاله تجسير الفجوة بين الحكومة والشارع ،التي عالجت الي حد ما حالة الاحتقان السياسي بالولاية مقارنة بالولايات الأخري .
لذالك لاغرو ان نجح “بامتياز” في انتزاع التعاون من جميع القطاعات المجتمعية و الفئوية ،التي أطلقت المبادرات وقدم الدعم المادي لمشروع مياه القضارف بلاتحفظ,والذي سوف يصل الي النهايات بالتعاون والتفاهم والعدالة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى