مقالات

العاصفة

وهناك شاطئ ثالث لكل نهر. هذا في الجدال.

وقبطان تغرق سفينته، ولجنة التحقيق تجتمع وتدرس ما كان يجب على القبطان فعله والذي لو أنه فعله لم تغرق السفينة.

وفي جلسة المحاكمة الأخيرة واجهوه بهذه الحقيقة. والقبطان يقول:

: أيها السادة… حكمكم هذا صواب… ولو أنني فعلت كذا وكذا لم تغرق السفينة. لكن أيها السادة أنتم تصلون إلى الأمر هذا/ ما كان يجب عليّ أن أفعله/ تصلون إليه بعد دراسة الأمر لستة أشهر… وتصلون إليه وأنتم في مكاتب هادئة رصينة… وتصلون إليه بعد مشاورات طويلة مع الخبراء… بينما أنا كنت على سفينة وسط المحيط تضربها العاصفة والمطر تحت الليل. ولم يكن أمامي إلا ست دقائق لأصل إلى العمل الذي وصلتم أنتم إليه…

(2)

كثير من الجدال ينسى الظرف الذي وقع فيه الحدث. وينسى (حال) من وقع عليه الحدث…

ومثلها يجهل الجدال (طبيعة) الحدث. ففي الصين حين يشتد الجدال حول الموت والآخرة والبعث و…. يفعلون شيئًا غريبًا…

من يريدون حسم الجدال هذا يقيمون مقابر من الزجاج الشفّاف، وينظرون إلى الجثة لأيام، ومتابعة ما يقع هناك…

وقديمًا قالوا لمثقف مسلم: (كتابكم يقول إن الشهداء أحياء وإنهم يُرزقون. فهل إن نحن فتحنا قبرًا لشهيد نجدَه حيًا ونجد عنده زحامًا من الرزق؟)

قال المثقف لهم:

هل قالت الآية إن الشهداء أحياء (عندكم)؟ أم قالت الآية إنهم (أحياء عند ربهم)؟؟؟

اذهبوا إلى عالمهم… عالم الغيب… فإنكم تحتكمون للعناصر… وفي المعامل تضعون كل مادة في العالم الذي يناسبها… ضعوا الميت في عالمه… عالم الغيب… وليس عالمكم… عالم الشهادة…

(3)

وممتعات العقول…

والسوداني مثل الطفل… والطفل لا يعلم أنه يملك غنى الدنيا.

ومحمد وقيع الله القارئ الفذ يكتب عن كتاب أصدره أبشر إدريس عن عامية أهل السودان التي هي أفصح الفصيح:

والتلتلة، والجهجهة، والطبطبة، والعترسة،

والمحجان، والخربشة، والدباس، والمريش، والسبهللي، الكوز، والزير،

وسنّة يا ولد، والتخا، والغلت، والسدايد، وكردة، ونقز، وراه، وفدع،

وفدغ، وخمش، وعار، وحرد، وشعف، وطفر، وكزم، وشرم، وفلطح، ونخرة،

ونواتي، والسعن، وحيص بيص، والعتلة، والقوز، و…

ألفاظ لا تجدها إلا في العامية السودانية، وهي من أفصح الفصيح.

وممتع أن المؤلف لا يستشهد لكل لفظ بالقاموس… المؤلف يستشهد لكل لفظ بحديث نبوي… ثم بالشعر البلدي السوداني… وما يقابله من أشعار الأقدمين.

أيها السوداني… جاءك طماطم العالم ليطردوك؟

لكنك الآن تجلدهم… وتجلدهم…

سنّة يا ولد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى