منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

الطيب قسم السيد يكتب قندال..همة الوالي ، ،شمائل النخوة وعدة النزال

عدت اليها في فجر التاسع عشر من ديسمبر من العام 2023م. من ودمدني حاضرة ولاية الجزيرة..رائدة العلم والثقافة..مشتل العز، و رمز الوطنية.. في مدارسها ومنابرها ترعرع ونشأ جيلنا وتميز عطاؤه في شتى ضروب الابداع، وساحات الفنون.
غادرتها مكرها مع أسرتي الصغيرة، في مساء ذلك اليوم العصيب، متجها إلى حيث دار الأسرة الأم..مسقط راسي،دار ابوي و متعتي وعجني..ذات العبارة الأنيقة البليغة التي اوردها الشاعر،الفذ خليل فرح في اغنيته الشهيرة(ود مدني) التي عبأها شجنا وحسنا عملاق الطرب واضع الألحان الشجية الخالدة والأناشيد والملاحم الوطنية،المؤثرة.. الموسيقار العبقري الراحل محمد الأمين حمد النيل رحمه الله،،(مالو اعياهو النضال بدني وروحي ليه مشتهي ود مدني).
غادرت ودمدني إلى مسقط راسي قرية قندال العريقة،،،في أمسية ذلك اليوم،الحزين 18/ديسمبر من العام 2023. وهو التأريخ الذي اجتاحت فيه المليشيا الإرهابية مدينة ودمدني، (عنوة اوربما إستسلاما)..لأن احتمالية تاكيد احد التأولين ستظل واردة مالم يفضي التحقيق، وتعلن محكمة الإختصاص،قرارها بادانة من سيمثلون أمامها ممن تم المتحفظ عليهم في قضية اجتياح المدينة الغالية ودمدني قلب الجزيرة، وصرة السودان.وسنظل ننتظر.
عليه انقلكم مباشرة إلى قندال،،مسقط راسي التي انتهت اليها موجة نزوحي الثالثة مع أسرتي الصغيرة،. حيث كانت الاولى،من منزلنا بالحلفاية مربع (10)حي الريان. (اللاسلكي)، إلى الجيلي شمال الخرطوم.في يوم17/مايو/2023.بعد ان خلا حينا من جميع أسره ،بعد أن بلغني من مصدر قريب حادب، ان بعض الخونة مدوا قوات الدعم السريع التي كانت تجاور وتحاصر بيوتنا، باسماء ومواقع بيوت العسكرين وبعض الآخرين من سكان الحي. وقد انتشرت مقاتلاتهم، بالحي منذ بداية الحرب التي اشعلتها المليشيا صبيحة يوم السبت 14/ابريل/2023.
قندال طيبة كما يحلو لأهلها تسمينها،، استمدت طيبة اهلها من صدق ونزاهة وأمانة مؤسسها، الشيخ (النور قندلاوى) الذي نصبه الملك بادي الخامس، احد سلاطين مملكة الفونج،قبل مئات السنين. مشرفا على الجباية من مشرعها على النيل الازرق، الذي كان يربط ضفتي النيل الشرقية والغربية،ويعبر عبره الناس والانعام،،و تنقل عبر معدياته كل عروض التجارة من المحاصيل،ومواد البناء المحلية من احطاب واخشاب واعشاب.. فالأماكن الخاصة والعامة كانت تشيد في ذلك الزمان،،من المواد المحلية..وقريتنا،قندال كانت ولازالت من أشهر مناطق الغابات المحجوزة. والنيل الذي يحيط بها بما يشبه حدوة الحصان،يلفها من يمينيها وشرقها ويسارها.
وحتي لا أطيل عليكم السياحة في موقعها وخصائصها،ومنتجاتها،، لابد أن أشير إلى أن اسمها (قندال) جاء منسوبا لجدنا (النور قندلاوي) الذي كافأه الملك بادي الخامس بتمليكه ضيعتها الممتدة من موقعها، وحتي تخوم مدينة ودالحداد بما فيها من (بلدات)-بكسر الباء- وغابات وجروف،،مقابل زهده ونزاهته وامانته تم ذلك بوثيقة محفوظة بدار الوثائق المركزية، وفي مجلد التراث الشعبي لقبيلة الحمران.المحفوظ في معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية. بجامعة الخرطوم.
هانذا،، ادلف مباشرة لاحكي لكم عن قصص اهلها وحكايتهم إبان فترة اقتحامها من قبل الجنجويد.التي كانت في اليوم التالي لاقتحام ود مدني،بل كانت هي النقطة الأخيرة المحتلة من قرى الجزيرة على شريط النيل الأزرق،.لان ديم المشايخة آخر قرى ولاية الجزيرة التي تحادد ولاية سنار. تقع خلف ارتكاز الجيش السوداني، المنصوب امام قرية ام دلكة جوار كبري الهبانية.
مع أول تمدد للمليشيا في اليوم الثاني لاجتياح ود مدني،، استقبلت قريتنا قندال،جيرانها من نازحي خمس قرى مجاورة استقبلهم أهلنا برضا وحفاوة،، في مدارسهم وفي بيوتهم، وقاموا بواجب الضيافة لثلاثة ايام تجاه أضخم مركزين للايواء ف المدرستين الاساسية والثانوية حتى وفق الوافدون أوضاعهم.
كانوا صامدين صابرين رغم ان اوغاد المليشيا المتمردة باشروا معهم أقسى درجات التنكيل والإنتهاك..ضربا ونهبا وسرقة واتلافا للمحاصيل..اقتحموا المنازل والمزارع،، ونهبوا تحت تهديد السلاح، المتاجر والسيارات ووالجرارات،و صادروا الهواتف،وذبحوا الشياه والأغنام..لم يدعو ذرة من الغدر، والتنكيل الا مارسوها بحق الناس وممتلكاتهم. وكانت (قندال الباجور) القرية التي تجاور قريتنا (قندال طيبة) اول من قدمت الشهداء في بواكير اجتياح المليشيا لولاية الجزيرة. فارتقى منها الشهيدان. صالح محمد موسى ابو حلوم،،ويوسف آدم محمد.. دفاعا عن الكرامة واستماتة في سبيل الحقوق والممتلكات.
ومن الحديث عن المرارات والمعاناة، دعوني انقلكم مباشرة إلى ما سيتيسر لي عبر هذه المساحة،من عرض للقيم والاشراقات التي صاحبت المحنة القاسية التي عاناها اهلنا وتجرعوا مراراتها.. وابرزها:- ان إقتحام الجزيرة تزامن مع بداية الموسم الشتوي ونهاية العروة الصيفية التي تشهد حصاد المحاصيل الصيفية.على مستوى انتاج الخضر والفاكهة والحبوب، فرفع أصحاب الجنائن والجروف، أيديهم عن محصولاتهم من الخضر والفواكه.وسمحوا لأهل القرية وضيوفهم بأخذ ما يحتاجون،من الطماطم التي شهد إنتاجها وقتها، وفرة غير مسبوقة..وكذلك الحال بالنسبة للموز،الذي كان متوفرا،، والبصل الذي كان ميسورا.
تصدق ميسورو الحال منهم للمحتاجين بالذرة والدخن والعدسية فتكافلوا وتراحمو، رغم قسوة الحصار الذي واجهوه وتسبب في نقص الدواء وتعسر الانتقال بالحالات المرضية الحرجة إلى المستشفيات..إذ لا مناص في تلك الحالة،،من،ركوب البحر عبورا للمستشفيات والزحدات الطبية الأعلى إمكانيات وكفاءة في سنار وود العباس.لكن معضلة كانت تواجههم في عبور النيل بسبب تحوطات اهل قرى ولاية سنار على الشريط النيلي المحازي،لقريتنا قندال،، من جهة الشرق..ولكن اتصالا شخصيا بالسيد والي الجزيرة، الأستاذ الطاهر ابراهيم،،وبعد اتصاله الفوري، بالسلطات في ولاية سنار وتفهم أهلنا في غرسلى.. للظرف الماثل،، تم حل معضلة عبور النيل .وقبل ان أغادر محطة هذا الرجل -الاستاذ الطاهر إبراهيم والي الجزيرة ،لابد من الاشارة والاشادة بالخطوة التي اتخذها مؤخرا وهي توفير الواح الطاقة الشمسية لخمس عشرة قرية من قرى جنوب الجزيرة.لتشغيل محطات االمياه لقرى جنوب الجزيرة التي كانت قندال من بينها.
اما شمائل النخوة،، الشطرة الثانية في عنوان مقالي اعلاه،، فهي مبادرة شباب قريتنا بدول المهجر، الذين تبرعوا بالمال وجمعوه وارسلوه لجهة الإختصاص،للتخفيف من أثر الإقتحام، وتداعياته،على حياة أهلهم فوفروا الدواء واعانوا الضعفاء، انقذوا حياة للمصابين بحالات الإسهالات المائية التي اجتاحت بعض قري المنطقة،فقدموا سهما عظيما مقدرا لاهلهم.بل ذهبو أكثر من ذلك بان وفروا امتدادا،لجهد والي الجزيرة،،الواح الطاقة الشمسية للبئر الثانية، ونقلوا بعض محطات المياه اليدوية (الكرجاكات)للعمل بالطاقة الشمسية.فاسعدوا أهلهم و خففوا معاناتهم،ونالوا رضاهم.. ورضا ذوي القربى من رضا الله.
اما الشطرة الأخيرة من عنوان مقالي هذا وهي (عدة النزال)،،
فاعني بها ، المعسكر الذي انتظم به شباب قريتنا (قندال) بعد تحريرها،من سطوة وغدر المليشيا.. وقد تدافع نحوه استجابة لنداء القائد العام،، شبابنا بهمة وحماس وهم يتلقون منذ فترة مضت تدريبا عسكريا على حمل واستخدام السلاح،حماية لارضهم عرضهم،، وزرعهم وضرعهم.وتامينا للمزارع والمرافق،ورد وردع المعتدين.
والله من وراء القصد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى