منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

السودان يرفض تقريراً أممياّ يتحدث عن مجاعة غير مسبوقة … الأمن الغذائي.. تسييس الأزمة الإنسانية

تقرير :رحمة عبدالمنعم

في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة والحرب المستمرة، رفضت الحكومة السودانية تقريراً أصدرته لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، ووصفت محتوياته بأنها “غير دقيقة” وتخدم أجندات سياسية دولية، التقرير الأممي، الذي أشار إلى معاناة حوالي نصف سكان السودان من انعدام الأمن الغذائي، أثار جدلًا واسعاً في الأوساط الرسمية، وسط دعوات محلية ودولية إلى معالجة الأزمة بعيدًا عن الاستغلال السياسي.
أرقام صادمة
وأصدرت لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي ،تقريرها الأسبوع الماضي، مستندة إلى بيانات جمعتها من 15 ولاية سودانية، وأكد التقرير أن السودان يشهد أسوأ أزمة غذائية في تاريخه الحديث، حيث يعاني نحو 24.6 مليون شخص، ما يعادل نصف سكان البلاد، من انعدام الأمن الغذائي.
وأشار التقرير إلى أن خمس مناطق سودانية تعاني حاليًا من مجاعة، بينما قد تمتد الأزمة إلى خمس مناطق أخرى بحلول مايو2025 إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة، وأرجعت اللجنة هذه الأزمة إلى عوامل متعددة، أبرزها الحرب المستمرة، الحصار المفروض على بعض المناطق، وتعطل الزراعة بسبب انعدام الأمن.
التقرير وصف الوضع الإنساني في السودان بأنه “كارثي”، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل لتقديم مساعدات عاجلة للمناطق المتضررة ،إلا أن الحكومة السودانية سارعت إلى نفي هذه الادعاءات، مشككة في منهجية جمع وتحليل البيانات التي استند إليها التقرير.

مسوحات ميدانية
وفي مؤتمر صحفي عقد بمدينة بورتسودان، وصف وزير الزراعة ، أبوبكر عمر البشرى، التقرير الأممي بأنه يفتقد إلى الواقعية، مشيرًا إلى أن الظروف الحالية في السودان تجعل من الصعب إجراء مسوحات دقيقة على الأرض.
وقال البشرى إن التقرير الذي أصدرته لجنة مراجعة المجاعة مليء بالمغالطات ،كيف يمكن للجنة أن تُجري مسوحات ميدانية في ولايات محاصرة، أو تشهد نزاعاً مسلحاً مثل دارفور وجنوب كردفان؟ الأرقام التي وردت في التقرير لا تعكس الواقع ولا تأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة التي نعيشها
وأشار الوزير إلى أن الحكومة السودانية لم تُمنح فرصة لمراجعة التقرير قبل صدوره، مما يثير تساؤلات حول نوايا اللجنة ومصداقيتها، وأعلن البشرى انسحاب السودان من عضوية اللجنة، مشدداً على أن:الحرب في السودان ليست فقط بالسلاح ،هناك من يحاول استخدام الأزمة الإنسانية كذريعة للتدخل في شؤوننا الداخلية وفرض أجندات سياسية

تجويع متعمد
من جهتها، نفت مفوض عام الشؤون الإنسانية بالسودان، سلوى آدم بنية، المزاعم التي وردت في التقرير بشأن وجود مجاعة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أو في مخيمات النازحين المحيطة بها.
وقالت سلوى خلال مؤتمر صحفي:لا يمكن وصف ما يحدث في الفاشر بالمجاعة، لكنه تجويع متعمد ،مليشيا الدعم السريع تفرض حصاراً على المدينة، تمنع من خلاله دخول المساعدات الإنسانية، وتستخدم التجويع كوسيلة ضغط على السكان
واتهمت سلوى مليشيا الدعم السريع بعرقلة تنفيذ قرارات دولية تدعو إلى فتح ممرات إنسانية، مشيرة إلى أن الحكومة السودانية تعمل بالتنسيق مع شركاء دوليين لتجاوز هذه التحديات وتوفير المساعدات للمناطق المحاصرة.

أداة سياسية
وفي بيان رسمي، وصفت وزارة الخارجية السودانية تقرير لجنة التصنيف المرحلي بأنه يفتقر إلى المصداقية، مشيرة إلى أن اللجنة لم تعتمد على بيانات دقيقة أو موثوقة.
وقال البيان إن المنهجية التي اعتمدتها اللجنة تعاني من أوجه قصور كبيرة، مما يثير تساؤلات حول موثوقية النتائج التي توصلت إليها. السودان يرفض استغلال الأزمة الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية أو فرض أجندات خارجية
وأكد البيان أن الحكومة السودانية ملتزمة بمعالجة الأزمة الإنسانية داخلياً، داعية المجتمع الدولي إلى التعامل مع الوضع في السودان بحيادية ودون تسييس.

تفنيد المزاعم
بحسب خبراء، فإن التقرير الأممي يعاني من فجوات كبيرة في المنهجية، فعلى الرغم من الأرقام الصادمة التي وردت فيه، فإن مصادر هذه البيانات تظل موضع شك، خاصة في ظل استحالة الوصول إلى العديد من المناطق المتأثرة بالحرب
الصحفي نادر عبدالله علق على التقرير قائلًا لـ”الكرامة”،:التقرير الأممي يثير الكثير من التساؤلات حول كيفية جمع البيانات ،كيف يمكن للجنة أن تدعي أنها أجرت مسوحات ميدانية في مناطق تخضع للحصار أو النزاع المسلح؟ يبدو أن البيانات اعتمدت على تقديرات غير دقيقة، وربما سياسية أكثر منها علمية
بدوره، أوضح الخبير في الأمن الغذائي د. لقمان الطيب أن تسييس التقارير الأممية ليس جديداً، لكنه يضر في النهاية بالمواطن الذي يحتاج إلى مساعدات حقيقية، الحكومة مطالبة بتقديم بيانات شفافة وموضوعية لدحض مثل هذه الادعاءات

حلول عملية
بينما ترفض الحكومة السودانية تقرير لجنة مراجعة المجاعة وتتهمه بالتحيز، يبقى الواقع الإنساني في السودان معقداً ومليئاً بالتحديات ،ومع استمرار الحرب، تزداد معاناة الملايين الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والخدمات الأساسية.
وفي ظل هذا الوضع، تتطلب الأزمة السودانية معالجة جذرية تنأى بنفسها عن التسييس، وتضع مصلحة المواطن في مقدمة الأولويات، سواء من خلال الجهود المحلية أو عبر دعم دولي يستند إلى الحقائق والشفافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى