منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الأمن الغذائي بالقارة الأفريقية….!!!

تقرير : عبدالقادر جاز

من المتوقع أن تفرز الحرب الروسية الأوكرانية واقعاً جديداً يقلب موازين القوة الاقتصادية لصالح دولة خارج نطاق دائرة الصراع، عليه فإن بعض الخبراء والمختصون يرون حسب أن الغرب سيواجه أزمة أمن غذائي ومائي ستصل آثارها العمق الأفريقي، بحسب هذه القراءة كيف ينظر لمستقبل الأمن الغذائي والظروف التي تعيشها القارة الأفريقية من واقع التقاطعات التي أثرت على ميزان القوى الدولية ؟..
بهذه الوضعية ألا يمكن أن يقود ذلك إلى صراع دولي لأجل تأمين المصالح الاقتصادية ؟
معروف أن الغرب يسعى إلى تصنيف القارات والدول على حسب توجهاتها ووفقاً لمواردها وإمكانياتها، ما موقع هذه الفرضية من المعادلة المحتملة ؟
*استنزاف الموارد:*
أقر د.حامد التجاني علي عميد كلية الاقتصاد والإدارة والسياسة العامة بمعهد الدوحة للدراسات العليا بأن الولايات المحتدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي سيكونان قوة اقتصادية قادرة على حسم الصراع الدائر ما بين روسيا وأوكرانيا، مؤكدا بأن هذه الحرب ستسنزف روسيا اقتصاديا لبناء دولة أوكرانيا بموارد روسيا، وستستفيد الصين من هامش المناورات لتشكل تحديا أساسياً للولايات المتحدة وسيتأثر اقتصاد العالم بذلك الصراع، وأشار بهذا الخصوص إلى مؤشرات الصندوق الدولي بالتركيز على انخفاض نسب النمو الاقتصادي في العالم.
*الرفاهية واستهلاك الغذاء:*
وأوضح التجاني أن زيادة الرفاهية في العالم العربي هي التي قادت إلى زيادة استهلاك الغذاء، وانعكس ذلك على الدول الأقل نمواً بمعدلات استهلاك الغذاء، مع الاعتماد على التنمية العمرانية خصماً على الأراضي الزراعية، واعتبر أن الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت بشكل مباشر في تراجع إنتاج القمح مع ثبات الدخل، وارتفاع الأسعار بصورة واضحة، مضيفاً أن تلك الحرب أثرت سلباً على محدودي الدخل خاصة الطلب على الغذاء غير المطاطي أو المرن، ما سيجعل أصحاب محدودي الدخل ينفقون جل دخلهم على الغذاء، واعترف بأن القارة الأفريقية بغياب الرؤى الاستراتيجية، وتحديد الأولويات أهدرت مواردها في النزاعات، مع ازدياد موجات الهجرة والنزوح بجانب ضيق الفرص الاقتصادية بعيداً عن الزراعة، مستطرداً بقوله بأن القارة الأفريقية واعدة وربما ارتفاع أسعار الغذاء ستشجع التوجه نحو الزراعة ورب ضارة نافعة.
*الاستعمار المستوحش:*
قال التجاني إن العالم مقبل على الزراعة وموارد المياه للتنافس على شراء أراضي الدول النامية من قبل الصناديق الاستثمارية أو السيادية كما حدث في بعض الدول الأفريقية، منوهاً بأن الزحف الصيني هو الأخطر من نوعه من الاستعمار الناهب للموارد والخامات وما يترتب عليه من تدمير بيئة القارة الأفريقية، ووصفه بالاستعمار المستوحش في أشرس صورة ستجعل القارة الإفريقية منطقة حرب باردة بين الصين والدول الغربية.
*دوامة الاستقطاب الحاد:*
ولفت التجاني إلى أن الدول تسعى لتقديم مصالحها الاقتصادية والحيوسياسية التي تخلق معايير نفوذها على تلك المناطق، مضيفاً أن البحث عن الموارد وأسواق جديدة من المعايير المهمة لأي دولة، مضيفاً أن الدول الغنية بمواردها وخاماتها ستظل قادرة على الاستقطاب الحاد مع ازدياد التوترات، وزيادة الإنفاق العسكري، على حساب الصحة والتعليم ومستقبل الأجيال القادمة.
*فشل سياسة العقاب:*
أكد البروفيسور أحمد عبد الدايم محمد حسين أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة القاهرة والمحلل السياسي في العلاقات الدولية أن الحرب الروسية الأوكرانية بلا شك لها تأثيرات اقتصادية كبيرة للغاية على المستويين الدولي والإقليمي، موضحاً أن هذه الحرب أنتجت واقعاً مغايراً في مجال السياسات المالية والنقدية تجلى في ارتفاع الدولار مقابل العملات الأخرى، إضافة إلى فرض روسيا عملتها الروبل نظير الغاز والبترول واضطرار الدول الأوروبية الاقتراض من روسيا لتسديد المقابل النقدي لتلك الموارد البترولية، مبيناً أن سياسة العقاب الاقتصادي التي فرضتها أمريكا والدول الأوروبية بشكل كبير على روسيا قد أثبتت فشلها.
*رهان الأبعاد الاستراتيجية:*
قال عبد الدايم إن هذه الحرب أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية كون روسيا وأوكرانيا من كبار منتجي المواد الغذائية المتمثلة في القمح والذرة بنسبة 15% من ناتج العالم، و29% من الصادرات العالمية خلاف الحبوب الزيتية، مؤكداً أنه إذا لم تتوقف الحرب فإنها ستقود إلى أزمة غذاء عالمية يسرع من الانهيار الاقتصادي شبه الكلي، وأردف قائلاً إن استمرار الحرب والانتصار السياسي فيها غير مرهون بالأضرار الاقتصادية التي يعانونها بقدر ما هو مرهون بأبعاد استراتيجية وأمنية يريدونها.
*شق عصا الطاعة:*
وأضاف عبد الدايم بلا شك تأثير الحرب على القارة الأفريقية بشكل كبير سواء في القبول الأفريقي للروس باعتبارهم حليف جديد يعول عليه في تباين وجهات نظرهم مع الغرب، موضحاً أن تلك التأثيرات الاقتصادية الصعبة التي انعكست واقع الدول الإفريقية في أسعار المواد الغذائية والبترولية والعلاجية، مؤكدا أن هنالك دول شبه مفلسة، وأخرى تكالبت عليها الديون، وفجرت تخوفات لم تكن في الحسبان، وقال إن هناك دول في عالمنا العربي خرجت عن فلك السياسة الأمريكية بعد أن شقت عصا الطاعة، ولا تفكر إلا في مستقبلها الاقتصادي، مشيراً في هذا الخصوص إلى المساحة المتاحة للروس لفرض سياسة الأمر الواقع، حتى في ظل سياسة الولاء الظاهري التي أيدتها الدول الغربية.
*سياسة التصنيف:*
وأوضح عبد الدايم أن الغرب يسير باتجاه تصنيف الدول التي تتبع سياساتهم وتنقاد للأوامر للاقتراب والاستقواء، كاشفاً عن بأن الغرب بدأ يتشكك في الولاء الظاهري مستشعرا الحرج في التعامل مع أمريكا وبقية المعسكر الغربي، مبيناً أن الغرب بقيادة أمريكا يتحالفون من أجل الحفاظ على مصالحهم بحجة المحافظة على وجود التحالف الدولي وإن كان في شقه الاقتصادي، وكشف بأن الغرب نوعان: أولهما يناصر الأمريكان وصديقا مخلصاً لهم، والآخر التفت لمصالحه وبدأ يخرج عن السياق الأمريكي، وأضاف بقوله من الناحية الاقتصادية استفاد فريق من واقع الحرب، وغالبية الدول العربية التي شقت عصا الطاعة لا ترغب في العلاقة القائمة بقدر ما تحاول الاستفادة من الموقف، والخروج بأقل الخسائر نتيجة هذه الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى