التقارير

الحارث مصطفى الشيخ: 4 آليات لضبط السوق رغم تدمير ٢٥ مستودعاً في الجزيرة

تقرير :- تاج السر ود الخير

في خضم التحديات غير المسبوقة التي فرضتها الحرب، يكشف الدكتور الحارث مصطفى الشيخ، مدير الإدارة العامة للتجارة ونقطة الجزيرة التجارية بولاية الجزيرة، عن الآليات التي تعتمدها إدارته لإدارة الأزمة ووضع أسس متينة للتعافي الاقتصادي. يجمع هذا النهج بين العمل الرقابي الصارم وبناء شراكات استراتيجية، سعياً لتحقيق استقرار السوق وتأمين السلع الأساسية للمواطن.

يقول الشيخ إن تفويض الإدارة “يتمثل في توفير السلع الأساسية للمواطن وتركيز الأسعار دون الدخول في عملية البيع والشراء بصورة مباشرة.” وبعد تحرير الأسعار، أصبح الدور الأساسي هو الرقابة، مع المساهمة في حفظ توازن السوق عبر نوافذ البيع المختلفة.

غرفة الطوارئ الاقتصادية: الحوكمة الأمنية لضبط السوق

لمواجهة الفوضى التجارية والأمنية التي أعقبت الحرب، تم إنشاء “غرفة الطوارئ الاقتصادية” كذراع تنفيذي شبه أمني. تضع هذه الغرفة سياسات انسياب السلع وتراقب الأسعار بهدف رئيسي هو منع تهريب السلع وحماية السوق المحلي.

نجحت الغرفة في الحد من تهريب سلع حيوية، مثل دواء “البندول” أثناء تفشي حمى الضنك، حيث تم ضبط كميات كبيرة وإعادتها إلى الأسواق المحلية. وتركز المراقبة المستمرة على السلع الاستراتيجية كالسكر والزيت والعدس والدقيق، حيث يؤكد الشيخ أن “اذا تم اكتشاف شح في سلعة يتم تغطيتها” فوراً، كما حدث مع الدقيق لمنع أي تأثير على سعر الخبز.

إعادة الإعمار: تأهيل المخازن العامة المدمرة

واجهت البنية التحتية التجارية ضربة قاسية، حيث تعرضت ٢٥ مستودعاً حكومياً كبيراً للتلف والدمار. وقد بدأت الإدارة خطة عاجلة لإعادة التأهيل، وتمكنت من استئجار واستغلال الأجزاء الصالحة، حيث يعود ريعها إلى وزارة المالية.

تطمح الإدارة إلى تطوير هذه المخازن مستقبلاً إلى مخازن مبردة حديثة لتخزين الخضر والفاكهة، مما يعزز القيمة المضافة ويدعم المزارعين. وقد لاحظت الإدارة إقبالاً متزايداً على هذه المستودعات، خاصة بعد قرار منع التخزين العشوائي داخل الأحياء السكنية.

شراكة القطاع الخاص والتسويق الرقمي: دعماً للصناعة المحلية

تؤمن الإدارة بأن استقرار السوق لا يتحقق بمعزل عن القطاع الخاص، وتسعى لبناء شراكات فعّالة، خاصة مع اتحاد العمل، “بالدفع نحو إعادة تأهيل المصانع وتوفير السلع الأساسية.”

ولتعزيز التواجد التجاري، تُفعّل الإدارة “نقطة الجزيرة التجارية الإلكترونية” كمنصة للترويج للشركات المحلية وتسويق منتجاتها محلياً وعالمياً. كما تخطط لإقامة معارض تجارية لأصحاب المصانع والمزارع “لتسويق منتجاتهم بسعر التكلفة”، بهدف تخفيف العبء عن المستهلك ودعم الاقتصاد المحلي.

التحول نحو الرقمنة: “إيصالي” لشفافية الإيرادات

تتجه الولاية بشكل حاسم نحو الرقمنة، حيث بدأت الإدارة العامة للتجارة في تطبيق برنامج “إيصالي” للتحصيل الإلكتروني. ويرى الشيخ أن “العام ٢٠٢٦ سيكون التحصيل من غير أوراق”، في خطوة تهدف لتعزيز الشفافية والانضباط المالي، رغم التحديات الأولية التي تستلزم تدريب الكوادر.

رؤية مستقبلية: نحو مركز لوجستي وتجاري إقليمي

رغم كل التحديات ونقص الإمكانيات، يرى الدكتور الحارث أن ولاية الجزيرة مؤهلة لتعزيز دورها كمركز تجاري لوجستي، مدعوماً بموقعها المتوسط ووجود الميناء الجاف الذي يشهد انتظاماً في الحركة ويجذب التجارة من مختلف مناطق السودان.

ويختم الشيخ بالقول: “رغم الظروف الاستثنائية، واصلنا العمل وتمكّنا من تحقيق استقرار في تدفّق السلع للمواطنين.” تعمل إدارته على بناء نظام مرن يجمع بين الرقابة الصارمة وشراكة القطاع الخاص والتحول التقني، سعياً ليس فقط لضبط السوق اليوم، بل لتأسيس قاعدة متينة لانتعاش اقتصادي أوسع في مستقبل الولاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى