في زيارة توصف بأنها انعطافة مهمة في العلاقات السودانية المصرية، حلَّ وزير الخارجية والهجرة المصري السفير بدر عبدالعاطي بمدينة بورتسودان، حيث التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ضركن عبد الفتاح البرهان ،وخلال اللقاء، نقل الوزير المصري رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي تؤكد دعم مصر للسودان في تجاوز تحدياته الراهنة، مع التركيز على تعزيز التعاون في ملفات استراتيجية تشمل إعادة الإعمار، أزمة مياه النيل، واستعادة السودان لعضويته في الاتحاد الإفريقي
تعزيز التعاون
وخلال اللقاء، عبّر الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن شكره العميق للقيادة المصرية على دعمها المستمر للسودان، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها، وقال البرهان: “مصر كانت وستظل شريكاً استراتيجياً للسودان، نحن نثمن موقفها الثابت تجاه شعبنا، ونتطلع إلى مزيد من التعاون لمواجهة التحديات الحالية.
وأوضح وزير الخارجية السوداني السفير علي يوسف أن الزيارة تمثل خطوة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، وأضاف: “ناقشنا مع الجانب المصري قضايا عدة، من بينها وضع السودانيين في مصر وما يواجهونه من تحديات، حيث وعد الوزير المصري بحل هذه المشكلات سريعاً ،كما تطرقنا إلى ملفات استراتيجية مثل التنسيق في المحافل الدولية، وقضية مياه النيل باعتبارها قضية حيوية لكلا البلدين
وأشار السفير علي إلى أن رسالة الرئيس السيسي تحمل تأكيداً على التضامن الكامل مع السودان في هذه المرحلة الحساسة، مؤكداً أن العلاقة بين البلدين تتجاوز المصالح الاقتصادية والسياسية لتصل إلى المصير المشترك لشعبي وادي النيل
ملف حيوي
واحتلت قضية مياه النيل حيزاً مهماً من النقاش، حيث أكد الطرفان على ضرورة التنسيق المشترك للحفاظ على حقوق دولتي المصب، وصرّح وزير الخارجية والهجرة المصري ،السفير بدر عبدالعاطي،قائلاً: قضية المياه ليست مجرد قضية فنية، بل هي قضية وجودية بالنسبة لمصر والسودان.،نحن ملتزمون بالعمل معاً لضمان تحقيق مصالح البلدين في هذا الملف الحساس.
ويرى الدكتور عبد الله عمر، الخبير السوداني في قضايا الموارد المائية، أن التوافق بين مصر والسودان بشأن قضية مياه النيل يعزز موقفهما التفاوضي في المحافل الدولية وقال لـ”الكرامة”: التعاون المشترك يعكس تفاهماً استراتيجياً بين البلدين ،هذا التفاهم ضروري لمواجهة أي تحديات مستقبلية تتعلق بالموارد المائية
الاتحاد الإفريقي
ومن بين القضايا المحورية التي نوقشت خلال اللقاء، ملف استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الإفريقي، وأكد السفير عبدالعاطي استعداد مصر لبذل كافة الجهود لدعم السودان في هذا المسار ،وقال: “الرئيس السيسي يوجهنا دائماً لدعم السودان في استعادة دوره الطبيعي داخل المنظمات الإقليمية والدولية.،عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي ليست مجرد مسألة دبلوماسية، بل هي ضرورة لاستقرار المنطقة
ويعتبر المحلل السياسي أحمد النور أن هذه الجهود المصرية تعكس اهتماماً كبيراً باستقرار السودان، وأوضح لـ”الكرامة” ان تعليق عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي كان خطوة مؤلمة، لكن دعم مصر الواضح لإعادة السودان إلى المنظمة يعكس عمق العلاقة بين البلدين
التعاون الاقتصادي
وشهدت الزيارة أيضاً تسليط الضوء على الجوانب الاقتصادية، حيث أشار السفير عبدالعاطي إلى نجاح الملتقى الاقتصادي الذي عُقد مؤخراً في القاهرة، وضم رجال أعمال من البلدين. ووصفه بأنه “خطوة عملية نحو تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين السودان ومصر
وأكد السفير علي يوسف أن السودان يعوّل كثيراً على الدعم المصري في مجالات إعادة الإعمار والبنية التحتية. وقال: نأمل أن تُترجم نتائج الملتقى إلى مشاريع حقيقية تخدم الشعبين، خاصة في ظل الحاجة الملحة لإعادة بناء ما دمرته الحرب
أفق جديد
وتُعد زيارة السفير بدر عبدالعاطي خطوة أخرى في مسار طويل من التعاون بين السودان ومصر، حيث تؤكد عمق الروابط الاستراتيجية بين البلدين. ومع التركيز على القضايا الحيوية مثل مياه النيل، إعادة الإعمار، واستعادة السودان لدوره الإقليمي، يبدو أن العلاقة بين البلدين تتجه نحو تعزيز الشراكة في كافة المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز استقرار المنطقة