منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

أولويات البعثة الأممية في شرق السودان اختلالات سياسية وأخطاء استراتجية

قراءة: الفاتح داؤد

في مايو من العام الماضي ،استقبلت الخرطوم اولي طلائع البعثة السياسية للأمم المتحدة “يونيتامس”، التي انشاءها مجلس الأمن الدولي وفق القرار “2524”، بناء علي رغبة السلطة الانتقالية التي طالبت الأمم المتحدة، بضرورة تقديم الدعم اللوجستي والفني ،لمساعدة الحكومة السودانية الانتقالية في إنجاز بناء عملية الانتقال السياسي وبناء السلام الشامل،وقد حدد مشروع القرار مهام البعثة الأممية ، في مساعدة السودان علي الانتقال الي الحكم الديمقراطي ،وحماية حقوق الانسان وتعزيز الحريات العامة،و تحقيق السلام الشامل وانجاز المصالحة الوطنية ،ومراقبة تنفيذ اتفاقيات السلام ووضع الدستور، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات، و مساعدة السلطات علي بناء الحماية المدنية، وسيادة حكم القانون في جميع أنحاء البلاد،كما صوب مشروع القرار الاممي
التركيز علي ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان،كما وجه القرار جميع وكالات الأمم المتحدة الناشطة في السودان ، العمل تحت مظلة البعثة السياسية، والزمها بضرورة تعبئة جميع المساعدات الاقتصادية والانمائية ،وتنسيق عملياتها في تقديم المساعدات الإنسانية للسودان.
وحدد القرار”2524″ قوام البعثة السياسية الاممية ب “269”موظف وخبير ،يزالون نشاطهم في (8) مكاتب بالولايات والخرطوم، فيما تم رصد مبلغ (34)مليون دولار عبارة عن ميزانية للعام الاول،وفي ذات السياق نص مشروع القرار علي تحديد أجل البعثة الأممية بعام قابل للتجديد ،علي أن لايتجاوز التفويض الممنوح لها نهايةالمرحلة الانتقالية.
وفور وصول المبعوث الأممي الالماني “فوكلر بتريس” الي الخرطوم انخرط الرجل في حوارات سياسية معمقة ، مع صناع القرار من شركاء الفترة الانتقالية ،وقادة القوي السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والنخب الأكاديمية والإعلامية. لاستقراء المشهد و
الوقوف علي الفرص والتحديات التي قد تجابه مهمته في السودان، فضلا عن رغبة المسئول الاممي، في تكوين صورة سياسية مقربة من عدة زوايا، تساعد علي استيعاب تعقيدات الحالة السودانية ،بعيدا عن التقارير الإعلاميةو السياسية.
وقد زار رئيس البعثة السياسية شرق السودان تحديدا ولايات (كسلا ،بورتسودان)، بهدف قراءة المشهد،بصورة واقعية بيد أنها في ذات اللحظة قد اعطت انطباعا سالبا ،لدي قطاع مهم من مكونات الإقليم ،الذي يعاني من ازمات سياسية واختلالات تنموية ومجتمعية متقاربة ومتداخلة الي حدا ما ،كان يتعين علي السيد فوكلر، وهو يدشن أول خطوات مشروعه السياسي التعامل مع قضايا الشرق ،وفق حزمة سياسية متكاملة،دون تبعيض لان استثناء ولاية استراتجية مثل القضارف من أولويات البعثة،ايا كانت المسوغات يمثل خطأ استراتجيآ فادحا يستوجب التصحيح ،لان ازمات شرق السودان كلا لايتجزأ، وأن القضارف بتنوعها وتعددها تمثل واسطة العقد في مثلث الاقليم المنكوب. إلا أنه وبعد عام من تلك الزيارة لم يحدث اختراق ملموس في أزمة الإقليم ،رغم الأحداث الدامية التي ترتبت علي مسار شرق السودان،فقد جاء في اخبار الخرطوم ،ان إجتماعا قد جميع الالية الثلاثية بالمجلس الأعلى لنظارات البجا، في لقاء يعد الأول من نوعه لمناقشة قضايا الاقليم،لم يستبعد مراقبون أن يكون اللقاء محاولة لاستدراك اخطاء البعثة الاممية الفادحة،التي اختزالت أزمة السودان في نخبة الخرطوم السياسية، ولكن هل يمثل مجلس ترك كل قطاعات شرق السودان المجتمعية، خاصة وان قطاعات واسعة من الطبقة السياسية في القصارف، لم تستبعد تورط أطراف نافذة في الدولة في استبعاد القضارف من أولويات البعثة الأممية،حتي لاتساهم في الحفاظ علي حالة التوازن لين مكونات الاقليم ، إذ ظلت تاريخياً تتطلع بهذا الدور لاعتبارات ذات صلة بالخارطة المجتمعية ،وظلت كذالك تشكل طرفا اصيلا في كل التفاهمات السياسية، التي توصلت اليها الحكومات المركزية مع حركات الرفض المسلح والاحتجاج السياسي،،من لدن اتفاق أسمرا”2009″،الذي وقع عليه النظام السابق ضمن تسوية سياسية شاملة طوت صفحة المواجهة مع فصائل جبهة الشرق برعاية ارترية، إضافة إلي استيعابها ضمن مسارات اتفاق جوبا بوضعها أحدي الولايات الشرقية ، لذالك يبدو غير مفهوم استثناء الولاية من مشروعات البعثة السياسية الأممية، وهو توجه وفق ما ينطوي عليه من مخاطر، قد لايخلو من نزعة تآمرية لتحجيم دور البعثة السياسية في شرق السودان ، لاختزال مشروعها في فضاء ولايتين فقط، وبالتالي توريط البعثة في تعقيدات الإقليم التاريخية بابعادها السياسية والأمنية والمجتمعية ،اضافة الي ان هذه الخطوة من شأنها تعميق النزاع، وتكريس حالة اللا استقرار والاستقطاب بين مكونات الإقليم حول السلطة والثروة ،لان ماجري في عموم ولايات الشرق من مفارقات تنموية و سياسية ،ليس مجرد حالة استثنائية خاصة بالولايات التي شملتها الرعاية الاممية، بقدر ما يمثل تاريخ من التهميش السياسي والتنموي الذي دفع ثمنه الجميع فقرا وجهلا ومرضا ،وأن استبعاد القضارف تحت اي مسوغ سياسي، سوف يزيد من حالة الاحتقان المورث اصلا، خاصة أن القضارف تعد من الولايات ذات الخصوصية السياسية والإنسانية ،اذ ظلت تاريخيا تتحمل نيابة عن المجتمع الدولي موجات اللجوء من عموم القرن الافريقي، مع كل ارتدادتها السالبة الإنسانية والاقتصادية علي الولاية، حيث تستضيف نحو “100’الف لاجئ اثيوبي ،من الهاربين من جحيم حرب التقراي ،ويتوقع تدفق المزيد بعد اتساع دائرة الحرب بين الفرقاء الاثيوبين،وقد اصبح هولاء اللاجئين يشكلون ضغطا كبيرا، علي الخدمات والموارد المحلية علي قلتها وشحها،فضلا عن الآثار السالبة للجوء علي المجتمعات المحلية المستضيفة للاجيئن،كما افردت بعثة الاتحاد الأوربي حيز مقدرا من نشاطها، للسيطرة علي موجات التسلل والهجرة غير الشرعية، من دول الجوار عبر القضارف فضلا عن هواجس انتشار الجريمة المنظمة ممثلا في شبكات الاتجار بالبشر والهجرة العابرة التي تتخذ من حدود القضارف منصة لانطلاقها، كما تعاني القضارف مثل الاخريات من مظالم تاريخية في التنمية، والمشاركة السياسية، تحتاج الي تدفقات مالية كبيرة لإعادة تأهيل البنية التحتية، وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية،فضلا عن إزالة كافة القيود التشريعية والقانونية التي تحول دون انصاف إنسانها ، فقد نجحت الاتفاقيات السابقة الي حدا ما في وقف نزيف الحرب، وتأمين فرص المشاركة السياسية في السلطة بين اطراف الصراع ،ولكنها لم تساهم في انصاف الفئات الهشة من المجتمع، مثل المرأة والشباب في مجتمع في حاجة إلي المساوة، في توزيع الفرص والتنمية المتساوية ، اكثر من حاجته الي الوصاية السياسية التي استمرآت نخب الخرطوم فرضها علي الأطراف من خلال الحديث بالإنابة عنهم ، كما يحتاج عموم انسان شرق السودان الي المساعدة في دحر الفقر ومكافحة البطالة، والتعليم والصحة، و التدريب والتأهيل وتقوية منظمات المجتمع المدني ،وادماج الشباب في الحياة السياسية، وتأكيد مشاركة المرأة في المفوضيات والاجسام مطلبية، اكثر من الحاجة الي تعميق الخلافات وتكريس حالة الشقاق وسط مكوناته المجتمعية والسياسية ،ولذالك تستدعي الضرورة السياسية،ان تتولي البعثة الاممية فتح النقاش حول قضايا شرق السودان بالشفافية اللازمة،والعمل عن تطبيق بنود القرار ، “1325” المراة والأمن والسلام دون تسويف ،في إقليم يشكل فيه النساء والشباب أكثر من 65٪من السكان ،ومع ذلك يعانون من الظلم الاجتماعي،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى