
في حياتي لم أطلع على شيء أكثر تقزّزًا وإثارةً للاشمئزاز من كتابة النائحة المستأجرة نصر الدين عبد الباري، وهو يحاول الدفاع عن الإمارات في القضية التي رفعها السودان ضدها أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة التواطؤ في دعم الإبادة الجماعية، عبر الدفع بعدم اختصاص المحكمة وعدم ولايتها على الإمارات. ففيمَ كنا ننازع نظام البشير ونطالب بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولا نزال، إذا كانت مثل هذه القيم معروضة للبيع لمن يدفع أكثر، يا نصر الدين؟ نصر الدين عبد الباري لا يكتفي بخيانة وطنه وأهله دفاعًا عن الإمارات، بل ينحدر إلى خيانة أخرى، يدوس فيها على ذاته، ويبيع شرف مهنته كحقوقي، مطيّة لأهواء مموليه. لقد فضحت هذه الحرب، ولا تزال، أولئك الذين كانوا يرفعون شعارات حقوق الإنسان وحكم القانون بشكل مخاتل ومخادع لا أكثر.
قدّم محامو السودان أداءً متميزًا، ليس فقط في استعراض القضية والأدلة الراسخة على تورط الإمارات، بل أيضًا في تناول روح القانون والمعاهدات الدولية، وبالأخصّ اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومدى إلزامية التحفظات عليها. في المقابل، لجأ الفريق القانوني الإماراتي إلى خطاب سياسي يدينهم أكثر مما يبرئهم. ولو كانوا يثقون في براءة موقفهم، لما حاولوا الاحتماء وراء تدابير إجرائية للفرار من مواجهة المحكمة، عبر إثارة تحفظهم على ولايتها.
لقد آن الأوان لإنهاء الحصانة التي تسمح بمواصل الجرائم التي ترتكبها مليشيا قوات الدعم السريع، مستندةً إلى الدعم الإماراتي. واما عبدالباري ورفاق مشروعه السياسي الذين قبلوا على انفسهم ان يتحولوا الي كلاب حراسة الامارات، فلهم الحجر
والاهم من كل ذلك، ان التدابير المؤقتة والعاجلة التي يطالب بها السودان، لوقف هذا الدعم، تكتسب الان أهميةً بالغة في ظل الهجوم الذي تُعدّ المليشيا لشنّه على مدينة الفاشر. المحكمة الان بوسعها ان تعمل على وقف جريمة ابادة جماعية وشيكة الحدوث.
د. أمجد فريد الطيب