مقالات

أبو فاطمة عمار حسن يكتب :الهدنة المزعومة… حين يُستغل الزمن لإعادة إشعال الحرب

قبول مليشيا الدعم السريع بما سُمِّي بالهدنة الإنسانية بعد سقوط الفاشر وبابنوسة لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق العسكري والسياسي للحرب. فهذه الهدنة لم تكن في واقع الأمر استجابة لاعتبارات إنسانية كما يُروَّج بل كانت خطوة تكتيكية محسوبة بدقة هدفها كسب الوقت وإعادة ترتيب الصفوف واستثمار عامل الزمن.
لقد استُخدمت فترة الهدنة لإعادة التموضع وجلب المرتزقة من دول مختلفة وإنشاء معسكرات تدريب على حدود السودان وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيا إلى جانب إدخال آليات عسكرية ثقيلة وتلقي تدريبات متقدمة على الأسلحة النوعية والمتطورة التي تتدفق عبر الحدود المفتوحة بلا رقيب.

اقتصاد الحرب… حين تُنهب الدول باسم السلاح

في كل الحروب يظهر تجار الأزمات أولئك الذين لا يرون في الدماء سوى فرصة ولا في الأوطان سوى مخازن للثروات. وغرب السودان بما يحمله من موارد معروفة أصبح هدفًا مفتوحًا لنهب منظم مقابل السلاح والمخدرات.
ومن خلال رحلاتي وبحوثي في دولة ليبيريا التي مرت بتجربة مشابهة وقد وقفتُ على ملف هذه الحرب من خلال الاطلاع المباشر فرأيت كيف كانت الموارد تُنهب مقابل السلاح والمخدرات وهو السيناريو ذاته الذي يتكرر اليوم في السودان. فالمليشيات لا تقاتل إلا وهي تحت تأثير الكحول والمخدرات وقد ظهر ذلك جليًا في سلوك أفراد مليشيا الدعم السريع في فوضويتهم ووحشيتهم وغياب أي وازع أخلاقي أو وطني.

معركة الوعي قبل فوات الأوان

من المؤسف أن كثيرًا من أبناء بلادي ما زالوا يتعاملون مع هذا الواقع بعاطفة آنية دون نظر عميق إلى مآلات الأمور وعواقبها الخطيرة. الحرب لا تُحسم بالمجاملات ولا تُدار بالأمنيات بل بالوعي واليقظة ووحدة الصف.
إن التلاحم مع القوات المسلحة السودانية وتوحيد الصف الوطني ليس خيارًا سياسيًا بل ضرورة وجودية. فإما أن نكون شعبًا واحدًا وجيشًا واحدًا أو نترك الساحة للفوضى لتلتهم ما تبقى من المدن وتحوّل السودان إلى ساحة صراع مفتوح بلا دولة ولا سيادة.

الأيادي الخفية ودعم الفوضى

وبكل وضوح وشفافية فإن المتأمل في حيثيات هذه الحرب ومسارات الدعم ونوعية السلاح يدرك أن الأيادي الصهيونية حاضرة وإن حرصت على التخفي. فعدم الانخراط في التطبيع وعدم الاعتراف بدولة الاحتلال التي تغتصب فلسطين اليوم جعل السودان هدفًا لمخططات تفكيك وإضعاف بدعم إقليمي ودولي لا يخفى على من يتابع المشهد بوعي.
ومع ذلك فإن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية تتابع هذه المخططات بدقة وتدرك حجم المؤامرة وتتحرك وفق حسابات معقدة في معركة ليست عسكرية فقط بل سياسية واستخباراتية واقتصادية.

نداء إلى الشعب السوداني

يا أبناء شعبي
الوعي اليوم ليس ترفًا بل واجب.
إما أن ننشغل بالأسواق والتجارة ونتجاهل ما يُحاك في الخفاء فنصحو غدًا على مليشيا تحتل كل مدن السودان
وإما أن نكون صفًا واحدًا فنستعيد الأمن وتتحرر المدن ويعود السودان لأهله بعد أن عاث فيه المجرمون نهبًا واغتصابًا ودمارًا في مشهد لم يعرف له تاريخنا مثيلًا.

بقلم ✍️ أبو فاطمة عمار حسن 💫
بتاريخ الاثنين 22 / ديسمبر / 2025م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى