
والعجوز هو نحن… والسن تكشف لنا.
والناس تقرأ لمتعة القراءة، ونحن نقرأ لمتعة معرفة ما وراء القبر… وما وراء المجرات…
ونجد أن الإنسان هو الكتاب الذي فيه الوجود كله…
ونفهم لماذا يصبح العجائز حكّايين… فالحكايات هي أبلغ الصور، وهي صفحات الكتاب هذا الذي يسمى الإنسان.
…
ونقرأ ما يفعله البشر لنعرف البشر.
وبعض الأخبار هو:
الممثلة البلغارية “أبراموفتش” تقف على منصة في قاعة مزدحمة، وتعلن أنه مباح لكل أحد أن يفعل ما شاء بها.
صمتوا… ثم اقتراب… فاعتداء باللفظ… ثم بالأصابع… ثم عنف… ثم طعنات تجعل الدم يسيل… ثم… ثم…
ولم يخطر لأحد أن يفعل شيئًا طيبًا.
الناس، حين يأمنون العقوبة، ما يخرج منهم هو هذا.
(2)
والخمر فيها إثم ومنافع… والقراءات والأخبار أيضًا.
وفي القراءات نجد حكاية حوار حمير البصرة:
وقالوا (والكوفة والبصرة كان بينهما العداء والمنافسة) إن خمّارًا/ بائع خمر/ في البصرة كانت بضاعته جيدة، وإلى درجة أن حمير وجهاء أهل البصرة اعتادت داره.
وأحد من يخشون الله يرفع الأمر إلى القاضي … والقاضي يعتقل الخمار ويطلب الشهود…
ولا شهود.
فالرجل قد أصبح هو سيد البصرة.
والشّاكي يكاد يجنّ، لكنه يأتي بفكرة مذهلة.
الشاكي يقول للقاضي:
ـ أصلح الله القاضي … اجمع حمير البصرة في السوق ثم أطلقها … وانظر أين تذهب.
والقاضي الذي أحب الفكرة، يجمع الحمير ثم يطلقها…
والحمير تتجه عديييل إلى بيت الخمار.
والقاضي يصرخ به:
ـ أيها الفاسق … حتى حميرهم اعتادت بابك!
والخمار الذكي يستخدم الحال ليقول للقاضي:
ـ أصلح الله القاضي… ما أراك يا مولانا إلا أنك تريد أن تجعلنا أضحوكة لأهل الكوفة … فإنه لم يشهد ضدي إلا الحمير… وإنك إن عاقبتني قال أهل الكوفة: إن أهل البصرة يقبلون شهادة الحمير!
(3)
وعن النفوس وحقيقتها، واحد من الأطباء/ ولا أدري لماذا كان كبار الكتاب من أهل الطب/ أحد هؤلاء حين يسخر من حذلقة المثقفين يحكي أنه:
امرأة مثقفة تتقن خمس لغات، كانت في حالة ولادة.
قال: في بداية الألم كانت تتذمّر بالإنجليزية … وحين اشتد الألم قليلاً أخذت تشكو بالفرنسية … ولما تصاعد الألم أخذت تصرخ بالألمانية…
قال: وعند الطلق، والألم الكاسح، صرخت باللغة التي تجيدها كل امرأة في الوجود:
:: واااااي… واااااي!
النفوس، في قراءاتنا لكتب العالم، نجدها مهما ادّعت وتقعّرت، تعود في اللحظة الحاسمة إلى الحقيقة…
وجدنا هذا عند قادة الفلسفات كلها…
أمّا المسلم فيجد أنه لم يكن مخدوعًا.
هذا حديث العجوز…
إسحق.
في الأسبوع القادم/ إن شاء الله الرحمن الرحيم/ نشرع في كتابة… حقيقة… حقيقة… حقيقة… ما جرى في حصار المدرعات لعامين… وكيف أنه مذهل… نعم، فعلاً مذهل… وأنه كان مكبوتًا لأن الحسابات العسكرية والجهادية كانت تطلب ذلك.