منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
منوعات

نحن لا شيء بقلم الكاتبة والمترجمة اليمنية/ليلى الحيمي

واقعُنا مختلفٌ يا صديقي عن ما يثبهُ وسائل الإعلام بكافة مجالاتهِ في جميع قنواتهِ كالجزيرة والعربية بل كل قنوات العالم.
واقعُنا يشبهُ تماماً واقعُ طفلٌ جائع قُصف بيتهُ وفقد عائلتهُ وهو في أمس الحاجة لملاذٍ آمنٍ يجد فيه كل ما يُريد، لا تهمه اللعبة التي أعُطيت لهِ من قبل تلك المنظمات التي تُسمي نفسها بالإنسانية لتلتقطُ بعض الصور معه وهو يشعرُ بالخجل من ملابسهِ الرثّة ومن الكاميرا التي يشاهدُها لأول مرة في حياته ليقاطعُ صوته الشاحبُ -من كثرة الجوعِ الذي أعتادهُ- لقطات الكاميرا بقولهُ: ما هذه التي في يدك؟
ليُجيب ساخراً: إنها كاميرا وكأن إجابتهُ أشفت عليل سؤالهُ وهو لا يعرف ما المقصود بكلماتهِ وعباراتهِ ولكن كُل هذا لا يُهم يا صديقي؟!.

ولكن المشهد الأكثر فضاعةً!: هو عندما رأى الطفل أولئك الذين أتوُا ليتلقطُوا صوراً معهُ بعد انتهائهم من جلسة التصوير تلك فقد قاموا بفتحِ صُندوق الطعام الخاص بِهم ليأكلُوا بما يُسمونه تصبيرةٍ لهُم حتى موعد الغداء ليجدوا الطفل مهرولاً إليهم تاركاً اللعُبة التي أعُطيت له ليِلتهِم بقية ما رمُي من أكلهم على الأرض!
وهكذا بقية قصِصنا التي لا نستطيع أن نرويِها أو نكتبُ عنها وبما إن التشبيه أكثر دقةٍ لواقعنا فُهلم جراَ من واقعٍ مأساويٍ مُميت لحياتنا.

فكل دولة تُسمي نفسها بأنها عربيِة ومُسلمة كانت أشبه بجحيِم لمواطنِيها وما اليمن وسوريا ومصر وغيرها من البُلدان المُدعِية للإسلام بأنها مُسلمة لكن الإسلام بريءٌ من كل من شُوهُ صُورتهُ وجعلهُ نقطةً سوداءَ حتى يُراهُ الغرب بأن العرب الذين سُموا أنفسهم بمسلمين أذاقوا شعوبهم جُوعاً وهلاكاً مُميت وأماتوهُ بالحروب فيما بُينهم البين وجعلوا القتل والدم والفقر مُستقبلاً لهم فقرروا أن يبقُوا على ديِنهم حتى لا يِصيروا كما صِرنا إليه.

وما السودان بعيدة عن كل هذا فالحروب التي بداخلها ليست بجديدةٍ وإنما هي مُدبرةٌ مُنذ الأزل وأثيوبيا التي تستنجدُ نصرةٌ لمساجدها ظناً منها أن هناك كالمعتصم لكن جوابنا لها : أطمني لقد مات المعتصم ولن يُخلق مِثلهُ مرتين فقد ماتت النخوُة فينا مُنذ الأزلِ وإن كُنا حقاً لدينا بعضٌ من الخجلِ ما تركنا فلسطين مرهُونةُ بيد حُثالة لا حول لهم ولا قوة ولكنِنا تركنا الضعف يُأكل فينا ويبُقى في كبيرنا قبل صغيرنا، فأسالي حُكامنا أو ما يُسموا أنفسهم حُكاماً وبالرغم من أنهم نصبُوا أنفُسهم حُكاماً علينا مِن أنفُسهم دونِ استشارةٍ أو انتخابٍ مِنا وما كان مجلس الشورى إلا دعاية إعلان فقط بأن لديهم مجلس شورى وما أقبحهُ من مجلسٍ كان!.

نحن في الحقيقة لا شيء نعم – مجرد لا شيء- مواطن عربيٌ قيمتهُ صِفر غير مرغوب به وخاصة أن كنت من إحدى الدول المذكورة آنفاً وأضف على ذلك دول أفريقيا التي جعلوها سُوداء بحروبها لها منذ قرونٍ رغم بياض ألماسُها الناصِع الفريد من نوعِه المُباع في محلات فرنسا وهي متفاخرةٌ بأنها استوردتهُ وفي الحقيقة أنها سلبتهُ وما خُفي كان أعظم.

في الحقيقة نحن عالةٌ على وطننا كما صُرحوا بذلك مسؤولونَا وأن الحُكومة تتحمل عبئِنا فعلينا أن نُجاهد من أجل لقُمة عيشنا ولا نعتمد على حُكوماتنا هكذا ورد آخر تصريحاً لزعماء قادتنا العربية الذين نصبوُا أنفُسهم رؤساء علينا و يا لبجاحِة التصريح وصاحبهُ!.

والقبح كل القبح نجد أناساً منّا وفينّا يُسمون أنفسهم بالعرب وهم في الحقيقة الأَعراب في كل زمان ومكان يفرحُوا لوجِعنا ويصُفقون لهُ وكأننا صهاينة وأعداء لدود وللأسفِ يُمدون ويصُافحون أيديهم للصهاينة بكل ودٍ وإحسانِ وكأنهُم إخوانهُم في الدين فلا غرابة في ذلك فهُم في مُستنقعِ الدركِ الأسفلِ من النفاقِ.

والوجع الأكثر يا صديقي عندما نحاول أن نستنجد بدولٍ مجاورةٍ لنا أو ما تُسمي نفسها بالشقيقة لنا فندخُلها ولو تهريباً ونعيشُ فيها علاً نجدٌ عملاً نسدُ بهِ جوع أطفالنا ولكن الأمرُ من كل هذا عندما ترجعُنا أو تفرضُ جباياتً وفيزً وشروطاً مُعقدةً علينا وتُسهلُ للغربي دخُولها وكأنهُ جارها المُقرب وحليفها في دينها و يا لتناقض شعارتهِم الرنانّة!: بأن كلُنا مُسلمون وحقيقة لمسِانها أن الفعل بعيداً عن القول أمتاراً.

وبينما نحن غُارقون ومُنهمكون في سداد بعض جُوعنا بكسرات خُبزٍ لنا ولأطفالنا، نجدُ الغربَ من كافة أطيافهِ و قادتهِ ك بايدن وجاستين وأوباوما وهُلم جرا مُنشغلون ومُنهمكون وبقوة في تحديد مساراتِهم الجنسية ومُطالبتهم الصارمة باعتراف المتحول والشاذ جنسياً بأنهم مُواطنو لابد أن يُحترموا من قبل مُجتمعِهم ولديهم حقوقٌ كالبقية وإي مُخالفة تُصدر ضدهُم فالويل الويل لمن عارضهُم و يا لمفارقة المقارنة يا صديقي، وحتى أصدُمك أكثر نجد شبابُنا من العرب يتفاخرُ على منصتهِ في مواقع التواصل الاجتماعي بتحويل جنسهِ مبرراً جُرمهِ بأنهُ وجد نفسهُ في صراعٍ مع ذاتهِ ومع المجتمع وفي الحقيقة حتى يُقبل سريعاً ك لاجئ في دولة غربية فلا عجب يا صديقي فنحنُ في زمنٍ يتخلى الأنسانُ عن جلدهِ من أجل لقُمة عيشهِ أو بالأصح من أجل شُهرتهِ ليِكسب ملايين المُشاهدات على قناتهِ في اليُوتيوب، فيا لقباحة التفكير والمبدأ! و يا لقباحة الكذب على أنفسنا!.

فلا تتوقع خيرٌ في زمننا هذا فالقادم أسُوء بكلِ مُجرياته فكلُ حدثٍ آتٍ يُخبرنا بأنه لا داعي للاسِتغراب وعشِ واقعكَ يا صديقي، وأسال الله السلامة والعافية من كُل ذلك والثباتُ على دينهِ من هَولُ ما يحدثُ حوُلنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى