منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

السودان وإيران .. الفزع الإقليمي

في فبراير 1979 وبعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام روح الله الموسوي الخميني واسقاط الشاه محمد رضا بهلوي ، تبنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية نهجا منفتحا في العلاقات مع محيطها الإقليمي وجوارها العربي والإسلامي ، والذي وصفته الدوائر الغربية ب (تصدير الثورة) ، لكن فيما يلي السودان فقد شهدت العلاقة تقلبا منذ الحرب العراقية الايرانية وما بعدها ، لكن بداية التسعينيات شهدت العلاقات تطوراً كبيراً، إذ أسهمت ايران في بناء القدرات العسكرية الذاتية للسودان ، وساعدت بالخبرات الفنية والهندسية في تطوير مؤسسات التصنيع الحربي السوداني ، ثم حدثت الانتكاسة في العلاقات إثر مشاركة السودان في تحالف الحزم وانحيازه نحو المحور الخليجي بشكل أقرب للإرتهان منه لعلاقة المصالح ، فجاء قطع الخرطوم لعلاقتها الدبلوماسية بإيران بسبب اقتحام السفارة السعودية في طهران.

وتجئ زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لطهران ولقائه بقيادتها لوضع أسس جديدة للعلاقة بين البلدين وفي ظرف أكثر دقة وحساسية يشهده السودان ، فبعد تمرد المليشيا تكشف للسودان حجم التآمر الذي تديره الإمارات وبعض دول الجوار الأفريقي ومنظومات العمل الأفريقية الفاسدة ، فالسودان الذي قطع علاقته سابقا مع طهران استجابة للرغبة السعودية يجد المملكة قد أعادت علاقتها مع الجمهورية الإسلامية وتبادلت معها السفراء بوساطة الصين .
لذلك فإن الحرب التي يشنها الجيش السوداني في مواجهة المليشيا الإرهابية منذ 15 أبريل الماضي ، والتي لعبت فيها السعودية دورا ايجابيا من خلال رعاية منبر جدة وكذلك لعبت فيها الإمارات دورا سلبيا برعاية المليشيا بالسلاح والعتاد والتمويل ، بينما التزمت إيران الحياد ورغم أنها لا تربطها علاقات مستقرة بالسودان إلا أنها قدمت مساعدات إنسانية للخرطوم عن طريق الهلال الأحمر الإيراني، وصرح وزير الخارجية الإيراني بالقول : أنهم يدعمون التسوية السلمية للصراع تحت رعاية الحكومة السودانية .
فمنذ أن تسلم الرئيس إبراهيم رئيسي السلطة في ايران عام 2021 اختارت القيادة الإيرانية ترسيخ نهجها في السياسة الخارجية بالتوجه نحو إفريقيا بوتيرة أسرع ، وفي جانب علاقة السودان بايران فقد تتمرحلت العلاقات السودانية الايرانية اقتصادياً ببداية اكتشاف واستثمار النفط في السودان بواسطة الصين وإدخال بعض الدول منها إيران بعقود شراكة ، كما تطورت العلاقات عسكرياً ووقع اتفاق التعاون العسكري والأمني بين الخرطوم وطهران في عام 2008 ، وتبع ذلك توقيع أكثر من 30 اتفاقية في مختلف المجالات بما في ذلك الإقتصادية والزراعية والأمنية .

وتجئ زيارة البرهان لطهران في هذا التوقيت لإعادة إحياء الإتفاقيات السابقة وإنعاش العلاقات عبر فتح جسر عسكري يمكن أن يسهم في معركة الكرامة التي يخوضها الجيش والشعب السوداني ضد وكلاء الامارات واسرائيل في السودان ، وهذه الزيارة ستحقق للدولة مكاسب على مستوى العمليات العسكرية التي تدور في كل من الخرطوم وولايات دارفور والجزيرة ، وإيران تعتبر حليفا إقليميا قويا يتمتع بخبرة كبيرة في دعم حلفائه الإقليميين عسكريًا بالعتاد العسكري والخبرات التي يمكن أن تشكل عاملًا لتغيير توازن القوى القائم في ساحات القتال في الوقت الراهن.
فيمكن لإيران أن تمد الجيش السوداني بعتاد عسكري مؤثر يساعد المؤسسة العسكرية في حسم الحرب وتكسير عضم المليشيا ، كما يمكن أن تسعى إيران لاستعادة حضورها القوي في السودان والمنطقة التي تمتد بطول الساحل الشرقي لأفريقيا، حيث يساعد التقارب الأخير مع السودان طهران على إعادة تموضعها في منطقة شرق أفريقيا، التي تمتلك فيها إيران حضورًا عسكريًا عبر الحوثيين في اليمن، فضلًا عن تاريخ قريب من العلاقات القوية مع عدد من دول المنطقة مثل إريتريا وكينيا وجزر القمر، فضلًا عن بعض الأطراف الفاعلة في الصومال.
بل وحتى يمكن أن يتحول السودان لمركز للنشاط الإيراني في وسط القارة حتى غربها، وفي منطقة البحيرات وصولًا إلى جنوب القارة، خصوصًا أن إيران تسعى جاهدة لتنشيط استراتيجيتها تجاه القارة في إطار مواجهة العزلة المفروضة عليها من الغرب.
أما فيما يلي الموقف من القضية الفلسطينية فإن التقارب السوداني الإيراني يعتبر خطوة ضمنية نحو قطع خطوات التطبيع بين السودان وإسرائيل ، والتي بدأت بلقاء عنتيبي في فبراير 2020 ، وفيما يتعلق بأمن البحر الأحمر فإن دول الخليج، وبالأخص الإمارات الراعي الرسمي للمليشيا الإرهابية فلن تقبل بعودة العلاقة بين الخرطوم وطهران، لأن الوجود الإيراني في البحر الأحمر يُشكل تهديدا لمصالحها ، كما أن طهران تعتبر السودان منفذا استراتيجيا للبحر الأحمر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى